نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 99
موضوع الحكم الشرعي معلولة لإرادة الانسان وهو يتحمل مسؤوليتها ، ولكن الانسان بكل وجوده مخلوق لله تعالى وقد خلقه مريداً ، وهو خاضع في وجوده وبقائه وقدرته للإرادة والقدرة الإلهيتين ولا يمكنه أن يتصرف مستقلاً عن هذا الامداد الإلهي لوجوده وقدرته . وقد استفاد أهل البيت ( عليهم السلام ) هذا الدور للأخلاق من القرآن الكريم ، حيث نجد القرآن حينما يضرب للانسان الأمثال التي يؤكّد فيها ( الحرية ) في الإرادة الانسانية كما في مثل قوله تعالى : ( ضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لا يقدر على شيء . . . ) [1] ، أو يطرح أمامه التساؤلات مثل : ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) [2] ، أو يطرح أمامه مفاهيم ( الحسنة والسيئة ) مثل : ( ولا تستوي الحسنة ولا السّيئة ) [3] ، أو العدل والظلم ، أو الصدق والكذب ، أو البخل والايثار ، وغيرها من المفاهيم ، إن القرآن حين يتناول كل ذلك يريد أن يخاطب في الانسان تلك الادراكات الفطرية الوجدانية التي تمثّل الأساس للسلوك الأخلاقي الذي حدّده القرآن ورسمه تفصيلياً ، والتي نسمّيها بالحسن والقبح العقليّين . ولا نريد هنا أن نتناول هذا البحث الكلامي الأخلاقي بقدر ما نريد أن ننبّه إلى أن أهل البيت عندما وجّهوا أتباعهم إلى التزام هذا الاعتقاد ، وأصبح أحد أصول مذهبهم هو الالتزام ( بالعدل الإلهي ) ، أرادوا بذلك أن يؤسّسوا القاعدة الأخلاقية في البناء الروحي والمعنوي لاتباعهم ، ويوجدوا نوعاً من الحصانة النفسية والروحية عن الوقوع في الانحرافات الأخلاقية الكبرى ، كالظلم