نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 66
قدم أمير المؤمنين ( عليه السلام ) البصرة بعد قتال أهل الجمل دعاه الأحنف بن قيس واتخذ له طعاماً ، فبعث إليه صلوات الله عليه وإلى أصحابه ، فأقبل ثم قال : يا أحنف ادع لي أصحابي ، فدخل عليه قوم متخشّعون كأنهم شنان بوال ، فقال الأحنف بن قيس : يا أمير المؤمنين ، ما هذا الذي نزل بهم ؟ أمن قلة الطعام ؟ أو من هول الحرب ؟ فقال صلوات الله عليه : لا يا أحنف ، إن الله سبحانه أحب أقواماً تنسّكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة من قبل أن يشاهدوها فحملوا أنفسهم على مجهودها ، وكانوا إذا ذكروا صباح يوم العرض على الله سبحانه توهموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق إلى ربهم تبارك وتعالى ، وكتاب يبدو فيه على رؤوس الاشهاد فضائح ذنوبهم ، فكادت أنفسهم تسيل سيلاناً أو تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيراناً ، وتفارقهم عقولهم إذا غلت بهم من أجل التجرد إلى الله سبحانه غلياناً . فكانوا يحنّون حنين الواله في دجى الظلم ، وكانوا يفجعون من خوف ما أوقفوا عليه أنفسهم فمضوا ذبل الأجسام ، حزينة قلوبهم كالحة وجوههم ذابلة شفاههم خامصة بطونهم ، تراهم سكارى سمّار وحشة الليل . متخشعون كأنهم شنان بوال ، قد أخلصوا لله أعمالهم سراً وعلانية ، فلم تأمن من فزعه قلوبهم ، بل كانوا كمن حرسوا قباب خراجهم . فلو رأيتهم في ليلتهم ، وقد نامت العيون ، وهدأت الأصوات ، وسكنت الحركات من الطير في الوكور وقد نهنههم هول يوم القيامة بالوعيد عن الرقاد كما قال سبحانه : ( أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون ) فاستيقظوا إليها فزعين ، وقاموا إلى صلاتهم معولين باكين تارة وأخرى مسبّحين ، يبكون في محاريبهم ويرنّون ، يصطفون ليلة مظلمة بهماء يبكون . فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم قياماً على أطرافهم ، منحنية ظهورهم يتلون
66
نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 66