ثم كان الدور الريادي الراشد الذي قام به أئمة أهل البيت المعصومون ( عليهم السلام ) في هذا المضمار الشائك ، إذ لم يألوا صلوات الله عليهم جهداً في تقديم كل ما كانوا يستطيعون من أجل استمرار ذلك الخط ، الذي تحملوا وظيفة مواصلته ضمن مهمة نهوضهم برسالة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من بعده ، وحفاظهم على شريعته من التحريف والتزييف .
ومما يلاحظ في هذا الباب أمور :
1 - الممارسة العملية الفذّة التي خاضها أولئك الأئمة الطاهرون ( عليهم السلام ) ، ضمن أبعاد البناء الاجتماعي ، حيث امتزجوا بالأمة امتزاجاً واقعياً موجّهاً هادفاً ، بما حملوا من إمامة هادية ، ومسؤولية كبرى أدّوها أسمى أداء في سعيهم التغييري الشامل لهندسة هذا البناء .
2 - الكمّ الواسع من نصوص الروايات التي رسمت أدقّ تفاصيل العلاقة بين أفراد المجتمع المسلم ، ووضعت الأسس المتينة لقيامه كتلة واحدة تحقق مبدأ الخيرية في قوله تعالى : ( كنتم خير أمّة أُخرجت للناس ) ، وشخّصت نقاط الضعف والنقص التي تعترض سيره التكاملي ، من أجل علاجها ، وتلافي حدوثها .
3 - الجهود المضنية التي بذلوها سلام الله عليهم للحفاظ على سلامة تكوين هذه الأمة ، ودرء خطر التمزّق والتفرّق عن كيانها ، وبقائها جسداً واحداً إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى .
ولبيان معالم هذه الأطروحة الرسالية لأهل بيت النبوة والعصمة ( عليهم السلام ) في هذا المجال كان سعي مجلة رسالة الثقلين لإخراج وتقديم الجزء الأول من كتاب فريد في هذا الباب تحت عنوان « دور أهل البيت ( عليهم السلام ) في بناء الجماعة الصالحة » ضمن سلسلة كتاب الثقلين المباركة .

6