كلمة المجمع الإسلام هو دين الله الأكمل ، الذي جاء ليستوعب بأصوله وتشريعاته كل جزئيات الحياة وتفاصيلها ، وليصوغ بأنظمته الرائدة نسيجاً متكاملاً يغطّي جميع احتياجات الإنسان ، ويهدي مسيرته في كل مجال من مجالات حركته في هذه الحياة ، سواء ما كان منها مرتبطاً بكيانه المادي ، أو ما هو متعلق بجانبه الروحي ، وسواء كان ذلك ضمن إطار فرديته الخاصة ، أو ضمن كونه جزءاً من كل كبير مترابط ترابطاً عضوياً متيناً .
وإن من أبرز القضايا التي أولاها الاسلام الحنيف كبير عنايته ، وفائق اهتمامه ، قضية بناء المجتمع الإسلامي الأمثل ، وإقامته على أسس محكمة قويمة ، تضمن تماسكه وثبوته ، وتديم سلامته من أي خلل أو وهن .
ولا شك أن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قد بذل كل ما يملك من وسع في سبيل تحقيق ذلك الهدف السامي ، وتبدو هذه الحقيقة جلية من خلال نظرة متأملة إلى هيكلية المجتمع المسلم الذي أنشأه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في تلك المدة من عمره الرسالي المبارك . حيث يلاحظ حجم ومضمون التحوّل الإيجابي الكبير الذي طرأ على ذلك البناء في ظرف عشرين من السنين ( الشطر العلني من تاريخ الدعوة النبوية ) ، وهو البناء الذي كان يعيش قبل بدء هذه الدعوة حالة فاحشة من التخبّط في ظلام الشرك بالله سبحانه ، والضلال عن سبيل الرشد والحق ، بما أفرزته تلك الحالة من بعد شاسع عن قيم الأخلاق ومُثلها ، وتمزّق فاضح في أوصال ذلك المجتمع الغارق في أوحال العصبية وحمية الجاهلية .

5