نام کتاب : دور أهل البيت ( ع ) في بناء الجماعة الصالحة نویسنده : السيد محمد باقر الحكيم جلد : 1 صفحه : 149
ولكن بالحد الأدنى من التفاعل ، ويشد عواطف الانسان المسلم بالقضية وأهدافها ورجالها ، ويبعده وينفّره طبيعياً عن أعدائها وأخلاقهم ومقاصدهم . وهذا البعد الأخلاقي في البكاء كان أحد الأسباب الطبيعية التي تمكّن أهل البيت ( عليهم السلام ) من خلالها أن يحفظوا في الجماعة الصالحة أخلاقية الانضمام والوقوف إلى جانب الحق والمواجهة للظلم ، بالرغم من الضغوط التي كانوا يواجهونها سواء على المستوى الاجتماعي أو الفردي ، وسواء على المستوى الخارجي كالضغوط التي يمارسها الطغاة ضدهم ، أو على المستوى الداخلي كضغوط الشهوات والرغبات . ثالثاً : أن البكاء يمثل منهجاً في تزكية النفس وتطهيرها من الأدران ، ويرفع درجة الاحساس في الانسان بآلام الانسانية ، والانحرافات الاجتماعية ، والوعي لقضايا الظلم والعدل ؛ ذلك لأنه يؤثر في رقّة القلب ويقظة الضمير ووعي الوجدان . وقضية قسوة القلب ورقّته وخشوعه من أهم القضايا التي تؤثر في مسيرة الانسان الذاتية ؛ ولذا عالجها القرآن الكريم في مواطن كثيرة ، وانتقد بشدة قسوة القلب ، كما كان يمجّد رقة القلب وخشوعه . ومن الآيات الواردة في ذم قسوة القلب ومدح رقته قوله تعالى : ( ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة ) [1] . وقال : ( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون ) [2] .