ولا حقه في التدخل ، حينما لا يصطدم ذلك التدخل بأي مانع آخر سوى ذلك ، فهو لا ينافي عدله سبحانه ، ولا حكمته ، ولا رحمته ، ولا غير ذلك من صفاته الربوبية جل وعلا . . ولا ينافي هذا : أنه قد جرت عادته تعالى ، فيما نشاهده ونعيشه على عدم التدخل للحيلولة بين العلل ومعلوماتها ، وعلى تسيير أمور الكون والحياة وِفْقَ طريقة معينة ، وقانون عام ، ونظام تام . فمثلاً قد اعتدنا : أن يسير توالد الناس ، والموت ، والحياة ، على وتيرة واحدة ، ويتم بالأسباب المعروفة . كما أن ثبات الأرض والجبال ، وتماسكها ، وثقلها ، واستقرارها هو السنّة التي ألفناها وعرفناها في جميع مقاطع حياتنا . ولكن مشيئة الله سبحانه ، قد تلغي ذلك كما في قضية ولادة عيسى - بل هي سوف تلغي حتماً - هذه الحالة عند انتهاء أمد الدنيا - وبذلك تكون نفس مشيئته ، وليس فقد الشرط ، ولا وجود الموانع سبباً في وقف التوالد ، وفي صيرورة الجبال كالعهن [1] المنفوش . كما أنها لسوف تمّر مرّ السحاب ، ولسوف يموت الناس بنفخ الصور . ثم تكون نفخة أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون . نعم ، إن ذلك كله سيكون ، من دون أن يحدث أي خلل أو نقص في العلة التامة . وقد سمّي هذا القسم ب « المحتوم » وعبّر عن تدخل المشيئة الإلهية فيه ب « البداء » كما تقدم في الرواية .