بذي فائدة على القراء . تقواها : وكانت هذه السيدة الزكية من العابدات ، فقد أقبلت على طاعة الله اقبالا شديدا ، فقد تأثرت بسلوك زوجها الإمام الكاظم ( عليه السلام ) إمام المتقين والمنيبين إلى الله تعالى ، وكان من مظاهر عبادتها أنها لما ولدت الإمام الرضا ( عليه السلام ) قالت : أعينوني بمرضعة ، فقيل لها : أنقص الدر ؟ قالت : ما اكذب : ما نقص الدر ، ولكن علي ورد من صلاتي وتسبيحي [1] أرأيتم هذه النفس الملائكية التي هامت بحب الله ، وانقطعت إليه فقد طلبت أن يعاونوها على ارضاع ولدها لأنه يشغلها عن أورادها من الصلاة والتسبيح . الوليد العظيم : وأشرقت الأرض بمولد الإمام الرضا ( عليه السلام ) ، فقد ولد خير أهل الأرض ، وأكثرهم عائدة على الاسلام ، وسرت موجات من السرور والفرح عند آل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وقد استقبل الإمام الكاظم النبأ بهذا المولود المبارك بمزيد من الابتهاج ، وسارع إلى السيدة زوجته يهنيها بوليدها قائلا : " هنيئا لك يا نجمة كرامة لك من ربك . . " وأخذ وليده المبارك ، وقد لف في خرقة بيضاء ، وأجرى عليه المراسم الشرعية ، فاذن في أذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ودعا بماء الفرات فحنكه به ، ثم رده إلى أمه ، وقال لها : " خذيه فإنه بقية الله في أرضه . . " [2] . لقد استقبل سليل النبوة أول صورة في دنيا الوجود ، صورة أبيه امام المتقين ، وزعيم الموحدين ، وأول صوت قرع سمعه هو : " الله أكبر " . " لا اله إلا الله " . وهذه الكلمات المشرقة هي سر الوجود ، وأنشودة المتقين .
[1] عيون أخبار الرضا 1 / أعيان الشيعة 4 / ق 2 / 80 . [2] كشف الغمة 3 / 88 ، عيون أخبار الرضا 1 / 18 .