وحكى هذا المقطع حكمة الله البالغة في خلقه للانسان الذي يحتوي على الأجهزة العجيبة ، التي هي عرضة للإصابة بأنواع الأمراض ، وان الله تعالى لم يخلق مرضا إلا وله دواء يقضي عليه ، ويحسمه ، فقد طويت في هذه العصور التي بلغ فيها الطب الذروة جمهرة من الأمراض وألقيت في البحر ، كمرض السل ، والتهاب الأمعاء ، والتيفوئيد ، وذلك بفضل المضادات الحياتية كالبنسلين والارومايسين وغيرهما ، بالإضافة إلى عالم الجراحة التي قضت على كثير من الأمراض ، وبهذا فقد تجلت الحكمة البالغة في كلمة الامام سليل النبوة من أن الله تعالى قد جعل لكل صنف من الداء صنفا من الدواء ، وسوف يطوى في ملف الطب من أن بعض الأمراض لا دواء لها . قال ( عليه السلام ) : " إن الأجسام الانسانية جعلت في مثال الملك ، فملك الجسد هو القلب ، والعمال العروق والأوصال ، والدماغ وبيت الملك قلبه ، وأرضه الجسد ، والأعوان يداه ، ورجلاه وعيناه ، وشفتاه ولسانه وأذناه ، وخزانته معدته وبطنه ، وحجابه صدره ، فاليدان عونان يقربان ، ويبعدان ويعملان على ما يوحي إليهما الملك ، والرجلان تنقلان الملك حيث يشاء ، والعينان تدلان على ما يغيب عنه ، لان الملك وراء حجاب لا يوصل إليه الا بهما ، وهما سراجاه أيضا ، وحصن الجسد وحرزه ، والأذنان لا تدخلان على الملك إلا ما يوافقه لأنهما لا يقدران أن يدخلا شيئا ، حتى يوحي الملك إليهما فإذا أوحى إليهما أطرق الملك منصتا لهما حتى يسمع منهما ، ثم يجيب بما يريد فيترجم عنه اللسان بأدوات كثيرة ، منها ريح الفؤاد ، وبخار المعدة ، ومعونة الشفتين ، وليس للشفتين قوة إلا بالانسان ، وليس يستغني بعضها عن بعض . . . " . عرض الإمام الحكيم إلى بدن الانسان ، هذا البدن العجيب الذي تجلت فيه قدرة الله الهائلة ، وابداعه المدهش ، وتنظيمه المحكم ، قال تعالى : يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك ، فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك ) . هذا البدن الذي حوى من الأجهزة والخلايا ما يعجز عنه الوصف ، ويقول فيه رائد الحكمة والبيان في الاسلام الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أتحسب أنك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر نعم ان الانسان ليس هيكلا محدودا ، ولا جرما صغيرا وانما حوى العالم بأسره ، فهو مجموعة من الأكوان والعوالم .