وحسدوا عليهما بقوله : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ) يعني الطاعة للمصطفين الطاهرين ، والملك ها هنا الطاعة لهم . . . " . وانبرى العلماء قائلين : " هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب ؟ . . " . وأجابهم الامام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثني عشر موضعا : فأول ذلك قول الله : ( وأنذر عشيرتك الأقربين ) [1] - ورهطك المخلصين - هكذا في قراءة أبي بن كعب ، وهي ثابتة في مصحف عبد الله بن مسعود ، فلما أمر عثمان زيد بن ثابت أن يجمع القرآن خنس هذه الآية [2] وهذه منزلة رفيعة ، وفضل عظيم وشرف عال حين عنى الله عز وجل بذلك الآل فهذه واحدة . والآية الثانية : في الاصطفاء قول الله : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) وهذا الفضل الذي لا يجحده معاند لأنه فضل بين . الآية الثالثة : حين ميز الله الطاهرين من خلقه أمر نبيه في آية الابتهال فقال : ( قل - يا محمد - تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ) [3] فأبرز النبي ( ص ) عليا والحسن والحسين وفاطمة ( عليهم السلام ) فقرن أنفسهم بنفسه . ثم التفت الامام إلى العلماء فقال لهم : " هل تدرون ما معنى قوله : ( وأنفسنا وأنفسكم ) ؟ " . وأجاب العلماء : " عنى به نفسه " . فقال ( عليه السلام ) : " غلطتم انما عنى به عليا [4] ومما يدل على ذلك قول النبي ( ص ) : حين قال :
[1] سورة الشعراء / آية 214 . [2] خنس : اي ستر . [3] سورة آل عمران / آية 58 وليس في القرآن كلمة يا محمد ، وانما هو توضيح منه . [4] وبالإضافة إلى ما ذكره الإمام ( عليه السلام ) من الدليل فإنه لا معنى لان يدعو الانسان نفسه فلا بد أن يكون المراد به عليا ( عليه السلام ) .