ناظرهم ، وفي نفس الوقت الهبت مشاعر المأمون وعواطفه بالحقد والعداء للإمام ( عليه السلام ) ، فقد باء بالفشل لما كان يرومه من تعجيز الامام ليتخذ من ذلك وسيلة للتشهير به ، وعزله عن ولاية العهد ، وأخذ يسعى جاهدا للتخلص من الامام فرأى أن لا وسيلة له إلا باغتياله ، ودس السم إليه ، وسنوضح ذلك بمزيد من التفصيل في البحوث الآتية . مناظرته مع زنديق : وخف زنديق متمرس في الزندقة والالحاد إلى الإمام الرضا ( عليه السلام ) وكان في مجلسه جماعة ، والتفت الامام إليه قائلا : " أرأيت إن كان القول قولكم - من انكار الله تعالى - وليس هو كما تقولون : السنا وإياكم شرعا سواء ، ولا يضرنا ما صلينا ، وصمنا وزكينا ، وأقررنا ؟ . . " . فسكت الزنديق ، أمام هذه الحجة الدامغة ، فإنه لو كان الامر كما يذهب إليه الزنادقة من انكار الله تعالى ، فما الذي يضر الموحدين من صلاتهم وصومهم ، وأضاف الامام بعد ذلك قائلا : " وان لم يكن القول قولكم ، وهو كما نقول : ألستم قد هلكتم ، ونجونا . . . " . وأراد الامام انه إذا انكشف الامر لهم من وجود الخالق العظيم المدبر لهذه الأكوان ، فقد هلك الملحدون ، وباؤوا بالخزي والعذاب الأليم ، وفاز المؤمنون والمتقون . وقدم الزنديق إلى الإمام ( عليه السلام ) الأسئلة التالية : س 1 - رحمك الله ، أوجدني كيف هو - يعني الله - وأين هو ؟ . . . " . ج 1 - " ان الذي ذهبت إليه غلط ، وهو أين الأين ، وكان ، ولا أين ، وهو كيف الكيف ، وكان ، ولا كيف ولا يعرف بكيفوفته ، ولا بأينونته ، ولا يدرك بحاسة ، ولا يقاس بشئ . . . " . ان الله تعالى نور السماوات والأرض ، ويستحيل ان يتصف بالأين والكيف وغيرهما من صفات الممكن الذي مثاله إلى العدم ، فهو سبحانه لا يدرك بحاسة ، ولا يقاس بشئ . س 2 - " إذن انه لا شئ إذا لم يدرك بحاسة من الحواس " . ج 2 - " ويلك لما عجزت حواسك عن ادراكه ، أنكرت ربوبيته ، ونحن إذا عجزت حواسنا عن ادراكه أيقنا أنه ربنا ، وانه شئ بخلاف الأشياء . . " .