ومن وضع لكم هذا الإنجيل ؟ . . " . وأخذ الجاثليق يتخبط خبط عشواء قائلا : " ما افتقدنا الإنجيل الا يوما واحدا ، حتى وجدناه غضا طريا ، فأخرجه إلينا يوحنا ومتى . . " . فرد عليه الامام قائلا : " ما أقل معرفتك بسنن الإنجيل وعلمائه ، فان كان كما تزعم فلم اختلفتم في الإنجيل ؟ وانما الاختلاف في هذا الإنجيل الذي في أيديكم اليوم ، فان كان على العهد الأول لم تختلفوا فيه ، ولكني مفيدك علم ذلك ، اعلم أنه لما افتقد الإنجيل الأول اجتمعت النصارى إلى علمائهم ، فقالوا لهم : قتل عيسى بن مريم ، وافتقدنا الإنجيل ، وأنتم العلماء فما عندكم ؟ فقال لهم الوقا ومرقانوس ويوحنا ومتى ان الإنجيل في صدورنا نخرجه إليكم سفرا في كل أحد ، فلا تحزنوا عليه ، ولا تخلوا الكنائس فإنا سنتلوه عليكم في كل أحد سفرا سفرا حتى نجمعه كله . وأضاف الامام قائلا : ان الوقا ، ومرقانوس ، ويوحنا ومتى وضعوا لكم هذا الإنجيل ، بعدما افتقدتم الإنجيل الأول وإنما كان هؤلاء الأربعة تلاميذ الأولين أعلمت ذلك ؟ . . " . وراح الجاثليق يبدي اكباره للامام ، ويعترف له انه لا علم له بذلك قائلا : " أما قبل هذا فلم اعلمه ، وقد علمته الآن ، وقد بان لي من فضل علمك بالإنجيل ، وقد سمعت أشياء كما علمته ، شهد قلبي أنها حق ، واستزدت كثيرا من الفهم . . " . والتفت الإمام ( عليه السلام ) إلى المأمون ، والى من حضر من أهل بيته وغيرهم ، فطلب منهم أن يشهدوا عليه ، فقالوا : شهدنا ، ووجه كلامه صوب الجاثليق فقال له : " بحق الابن وأمه ، هل تعلم أن " متى " قال في نسبة عيسى أنه المسيح بن داود بن إبراهيم بن إسحاق بن يعقوب بن يهود ، بن خضرون ؟ وقال : " مرقانوس " في نسبة عيسى انه كلمة الله أحلها في الجسد الآدمي فصارت انسانا ! ! وقال - ( الوقا ) : ان عيسى بن مريم وأمه كانا انسانين من لحم ودم فدخل فيهما