باءت بالفشل محاولة المأمون الذي أراد تعجيز الامام ولو بمسألة واحدة ليتخذ منها وسيلة للطعن في معتقدات الشيعة بالامام ، وقد علق الشيخ الصدوق نضر الله مثواه على هذه المناظرة بقوله : كان المأمون يجلب على الرضا من متكلمي الفرق والأهواء المضلة كل من سمع به حرصا على انقطاعه عن الحجة مع واحد منهم ، وذلك حسدا منه له ، ولمنزلته من العلم ، فكان لا يكلمه أحد إلا أقر له بالفضل وألزم الحجة له عليه ، لان الله تعالى ذكره يأبى إلا أن يعلي كلمته ، ويتم نوره ، وينضر حجته ، وهكذا وعد تبارك وتعالى في كتابه فقال : ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ) [1] يعني بالذين آمنوا الأئمة الهداة ، واتباعهم العارفين بهم ، والآخذين عنهم بنصرهم بالحجة على مخالفيهم ما داموا في الدنيا ، وكذلك يفعل بهم في الآخرة وان الله عز وجل لا يخلف الميعاد " [2] . مناظرة أبي قرة للامام : وتصدى الإمام الرضا ( عليه السلام ) لتزييف الشبه وإبطالها ، التي أثيرت حول العقيدة الاسلامية ، وقد قصد أبو قرة خراسان ؟ ؟ لامتحان الإمام ( عليه السلام ) ، وطلب من صفوان بن يحيى وهو من خواص الامام أن يستأذن منه للدخول عليه ، فأذن الامام له ، فلما تشرف بالمثول أمامه سأله عن أشياء من الحلال والحرام ، والفرائض والاحكام فأجابه عنها ، ثم سأله عن بعض قضايا التوحيد وهي : س 1 - " أخبرني جعلني الله فداك عن كلام الله لموسى ؟ . . . " . ج 1 - الله أعلم بأي كلمه بالسريانية أم بالعبرانية . . . " . وأخرج أبو قرة لسانه ، وقال : إنما أسألك عن هذا اللسان ومعنى ذلك أنه هل كلمه بلسان كلسان الانسان ؟ فرد الامام عليه ذلك بقوله : " سبحان الله عما تقول : ومعاذ الله أن يشبه خلقه أو يتكلم بمثل ما هم متكلمون ، ولكنه تبارك وتعالى ليس كمثله شئ ، ولا كمثله قائل ولا فاعل . . . " . وانبرى أبو قرة قائلا : " كيف ذلك ؟ . . . " .
[1] سورة المؤمن / آية 51 . [2] عيون أخبار الرضا 1 / 182 - 191 .