وسارع سليمان قائلا : " نعم . . . " . فأجابه الامام : " فإذا أحدث إرادة ، كان قولك : إن الإرادة هي هو أو شئ منه باطلا ، لأنه لا يكون أن يحدث نفسه ، ولا يتغير عن حالة تعالى الله عن ذلك . . . " . وانبرى سليمان قائلا : " إنه لم يكن عنى بذلك أنه يحدث إرادة . . " . " فما عنى به ؟ . . . " عني فعل الشئ . . " . فزجره الامام قائلا : " ويلك كم تردد هذه المسألة ، وقد أخبرتك ان الإرادة محدثة ، لان فعل الشئ محدث . . . " . " فليس لها معنى . . . " . " قد وصف نفسه عندكم ، حتى وصفها بالإرادة بما له معنى فإذا لم يكن لها معنى قديم ، ولا حديث بطل قولكم ، ان الله عز وجل لم يزل مريدا . . . " . وراح سليمان يتمسك بالشبه قائلا : " إنما عنيت أنها - أي الإرادة - فعل من الله تعالى لم يزل . . " . ورد عليه الامام قائلا : " ألم تعلم أن ما لم يزل لا يكون مفعولا وقديما وحديثا في حالة واحدة " . وحار سليمان في الجواب ، فقد أبطل الامام جميع شبهه ، وأوضح له ان كل ممكن حادث وليس أزليا ، وإرادة الله تعالى ليست على غرار صفات الممكن . وراح الامام يقيم عليه الحجة قائلا : " لا بأس أتمم مسألتك . . . " . " ان الإرادة صفة من صفاته . . . " . وأنكر الامام عليه تكراره لهذه المسألة قائلا : " كم تردد علي أنها صفة من صفاته ، فصفته محدثة أو لم تزل ؟ . . . " . " محدثة . . . " . " الله أكبر فالإرادة محدثة ، ان كانت صفة من صفاته لم تزل فلم يرد شيئا . . .