صفات الممكن ، ومستحيلة عليه . . . ولم يستطع سليمان أن يقول شيئا ، وراح يناقض نفسه فقال : " ليست - أي الإرادة - بفعل . . " . وقد اعترف سليمان سابقا بأنها فعل ، والتفت إليه الامام فقال : " فمعه - أي مع الله - غيره لم يزل ؟ . . . " . وراوغ سليمان ، ولم يجب الامام عن سؤاله ، وقال : " الإرادة هي الانشاء . . . " . فأجابه الامام : " هذا الذي عبتموه على ضرار [1] وأصحابه من قولهم : إن كل ما خلق الله عز وجل في سماء أو أرض أو بحر أو بر من كلب ، أو خنزير ، أو قرد ، أو انسان ، أو دابة ، إرادة الله ، وان إرادة الله تحيى ، وتموت ، وتذهب ، وتأكل وتشرب ، وتنكح ، وتلذ ، وتظلم ، وتفعل الفواحش ، وتكفر ، وتشرك ، فيبر أ منها ، ويعاد بها وهذا حدها " . عرض الإمام ( عليه السلام ) إلى الآراء الفاسد ة التي التزم بها ضرار والتي عابها على سليمان وأصحابه فان هذه اللوازم الفاسدة كلها ترد على سليمان إلا أنه لم يع مقالة الامام ، وراح يقول : " إنها - أي الإرادة - كالسمع والبصر والعلم . . . " . لقد كرر سليمان ما قاله سابقا من أن الإرادة كالسمع والبصر وقد أبطل الامام ذلك ، فقال ( عليه السلام ) له : " أخبرني عن السمع والبصر والعلم أمصنوع ؟ . . . " . " لا . . . " . وانبرى الامام يدله على تناقض كلامه قائلا : " فكيف نفيتموه ؟ قلتم لم يرد ، ومرة قلتم : أراد ، وليست - أي الإرادة - بمفعول له . . " . وراح سليمان يتخبط عشواء فقال : " انما ذلك كقولنا : مرة علم ، ومرة لم يعلم . . . " . فأجابه الامام ببالغ الحجة قائلا :
[1] ضرار من شيوخ المعتزلة في علم الكلام ، وهو من الأباضية .