اسلام الصابئ : ولما رأى عمران الصابئ الطاقات الهائلة من العلم التي يتمتع بها الإمام ( عليه السلام ) ، والتي منها أجوبته الحاسمة من أعمق المسائل الفلسفية التي لا يهتدي لحلها إلا أوصياء الأنبياء الذين منحهم الله العلم وفصل الخطاب ، أعلن عمران اسلامه وطفق يقول : " أشهد أن الله تعالى على ما وصفت ، ووحدت ، وأشهد أن محمدا ( صلى الله عليه وآله ) عبده المبعوث بالهدى ، ودين الحق . . . " . ثم خر ساجدا لله تعالى واسلم ، وبهر العلماء والمتكلمون من علوم الامام ، ومواهبه وعبقرياته ، وراحوا يحدثون الناس عن فضل الامام وسعة علومه ، وانصرف المأمون وهو غارق بالألم ، قد أترعت نفسه بالحقد والحسد للامام : خوف محمد على الامام : وخاف عم الإمام محمد بن جعفر عليه من المأمون ، وكان حاضرا في المجلس ، ورأى كيف تغلب على عمران الصابئ الذي هو في طليعة فلاسفة العصر ، فاستدعى الحسن بن محمد النوفلي ، وكان من أصحاب الإمام فقال له : " يا نوفلي أما رأيت ما جاء به صديقك - يعني الامام - ؟ لا والله ما ظننت أن علي بن موسى الرضا خاض في شئ قط ، ولا عرفناه به ، انه كان يتكلم بالمدينة ، أو يجتمع إليه أصحاب الكلام ؟ . . " وراح النوفلي يعرفه بعلم الامام وفضله قائلا : " قد كان الحاج يأتونه فيسألونه عن أشياء من حلالهم وحرامهم فيجيبهم ، وربما كلم من يأتيه يحاججه . . . " . وراح محمد يبدي مخاوفه من المأمون على ابن أخيه قائلا : " اني أخاف عليه أن يحسده هذا الرجل فيسمه أو يفعل به بلية ، فأشر عليه بالامساك عن هذه الأشياء . . . " . وكان النوفلي يظن خيرا بالمأمون ، ولا يخاف منه على الامام ، فقال لمحمد : " ما أراد الرجل - يعني المأمون - الا امتحانه ليعلم هل عنده شئ من علوم آبائه ؟ . . " . ولم يقنع محمد بكلام النوفلي ، فقد كان يظن السوء بالمأمون وراح يقول له : " قل له : إن عمك قد كره هذا الباب ، وأحب أن تمسك عن هذه الأشياء