تقلد ولاية العهد التي هي أعظم مركز في الدولة الاسلامية ، فقد كان الشخصية ؟ ؟ الثانية بعد المأمون ، فقد رفض جميع مغريات الحكم والسلطان ، وكره كأشد ما تكون الكراهية ما يقيمه الناس لملوكهم وحكامهم من المهرجانات الشعبية ، وصنوف العظمة والتكريم ، وقد أعلن ذلك بقوله : " إن مشي الرجال خلف الرجال فتنة للمتبوع ، ومذلة للتابع . . " [1] . وكان - فيما يقول الرواة - يدخل حمام السوق ، وصاحب الحمام لا يعرفه ، وقد اتفق أن جنديا كان في الحمام فطلب منه أن يقوم بتدليكه ، وتنظيفه فانبرى مجيبا لطلبه ، وحينما علم الجندي بذلك استولى عليه الفزع والرعب فهدأ الامام روعه ، وعرفه أنه قام بخدمة انسانية له . وكان من معالي أخلاقه أنه كان يأكل مع غلمانه ، وخدمه ، ويكره أن يتميز عليهم إلى غير ذلك من سمو أخلاقه التي ورثها من جده الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) . ( 3 ) ولأئمة أهل البيت ( عليه السلام ) سياستهم المشرقة ، ومنهجهم النير في عالم الحكم والسياسة ، فهم يرون أن الحكم يجب أن يكون وسيلة لإقامة العدل الخالص ، والحق المحض ، ونشر المحبة والألفة بين الناس ، ولا بد أن يكون أداة لانعاش الشعوب ، ورفاهيتها وأمنها ورخائها ، ولا قيمة للحكم عندهم إذا لم يحقق هذه الأهداف النبيلة التي تسعد بها الشعوب ، استمعوا إلى ما يقوله سيد العترة الامام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى وزيره ومستشاره عبد الله بن عباس ، وقد رفع إليه نعله التي كانت من ليف ، فقال له : " يا بن عباس ما قيمة هذا النعل ؟ . . " . وسارع ابن عباس قائلا : " لا قيمة له يا أمير المؤمنين . . " . فانبرى الامام قائلا : " إنه خير من خلافتكم هذه إلا أن أقيم حقا ، وادفع باطلا . . " .