وهو الذي يقول لعمه عبد الصمد بن علي ، عندما لامه على أنه يعاجل بالعقوبة ، حتى كأنه لم يسمع بالعفو - يقول له - : " إن بني مروان لم تبل رممهم ، وآل أبي طالب لم تغمد سيوفهم - ونحن بين قوم رأونا بالأمس سوقة ، واليوم خلفاء ، فليس تتمهد هيبتنا إلا بنسيان العفو ، واستعمال العقوبة [1] . " . وهو الذي يقول للإمام الصادق عليه السلام : " لأقتلنك ، ولأقتلن أهلك ، حتى لا أبقي على الأرض منكم قامة سوط [2] . " . وعندما قال المنصور للمسيب بن زهرة : إنه رأى أن الحجاج أنصح لبني مروان . أجابه المسيب : " يا أمير المؤمنين ، ما سبقنا الحجاج إلى أمر ، فتخلفنا عنه ، والله ، ما خلق الله على جديد الأرض خلقا أعز علينا من نبينا صلى الله عليه وآله ، وقد أمرتنا بقتل أولاده ، فأطعناك ، وفعلنا ، فهل نصحناك ؟ ! " [3] . وهو أول من سن هدم قبر الحسين عليه السلام في كربلاء [4] . وهو الذي كان يضع العلويين في الأسطوانات ، ويسمرهم في الحيطان - كما نص عليه اليعقوبي ، وغيره - ويتركهم يموتون في المطبق جوعا ، وتقتلهم الروائح الكريهة ، حيث لم يكن لهم مكان يخرجون إليه لإزالة الضرورة ، وكان يموت أحدهم ، فيترك معهم ، حتى يبلى من غير دفن ، ثم يهدم المطبق على من تبقى منهم حيا ، وهم في أغلالهم - كما فعل ببني حسن ، كما هو معروف ومشهور .
[1] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 267 ، وإمبراطورية العرب ص 491 ، والإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، المجلد الأول جزء 2 ص 534 . [2] مناقب ابن شهرآشوب ج 3 ص 357 ، والبحار ج 47 ص 178 . [3] مروج الذهب ج 3 ص 224 . [4] تاريخ كربلاء ، لعبد الجواد الكليدار آل طعمه ص 193 .