تشجيع الخلفاء لهذا الاتجاه : وقد شجع الخلفاء هذه النحلة ، أو فقل هذا الاتجاه ، واستمروا يناصرونه إلى زمن هارون . وقد حصل مروان ابن أبي حفصة من الخليفة العباسي " المهدي " على أعظم جائزة تعطى لشاعر في تلك الفترة ، على قوله مخاطبا آل علي : هل تطمسون من السماء نجومها * بأكفكم أو تسترون هلالها أو تدفعون مقالة عن ربكم * جبريل بلغها النبي فقالها نزلت من الأنفال آخر آية * بتراثهم ، فأردتم إبطالها يشير إلى آية : " أولوا الأرحام . " . فزحف المهدي من صدر مصلاه إعجابا ، وأعطاه مئة ألف درهم ، لكل بيت ألف درهم . وكانت هذه أول مئة ألف تعطى لشاعر في دولة بني العباس [1] . وأعطاه هارون بدوره على هذه الأبيات ، بعد أن أصبح خليفة مئة ألف أيضا . كما أن المهدي قد أعطى مروان هذا على قوله : أنى يكون وليس ذاك بكائن * لبني البنات وراثة الأعمام أعطاه ثلاثين ألفا من صلب ماله ، وكساه جبة ، ومطرفا ، وفرض على أهله ومواليه ثلاثين ألفا أيضا [2] .
[1] تاريخ بغداد ج 13 ص 144 ، 145 ، ومرآة الجنان ج 1 ص 321 . [2] ولكن في العقد الفريد ج 1 ص 312 ، الطبعة الثالثة ، والمحاسن والمساوي ص 219 : أنه أخذ منه ثلاثين ، ومن أهل بيته سبعين . ولعل هذا هو الأقرب إلى الواقع ، فقد ذكر في المحاسن والمساوي ص 220 : أن مروان هذا قال في هذه المناسبة : بسبعين ألفا راشي من حبائه * وما نالها في الناس من شاعر قبلي بل هذا البيت يدل على أن السبعين كانت منه ، لا من أهل بيته . . وفي طبقات الشعراء ص 51 اكتفى بالقول : أنه أخذ بهذا البيت مالا عظيما . .