فأسس المهدي فرقة [1] تدعي : أن الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هو العباس بن عبد المطلب ، ثم ابنه عبد الله ، ثم ابنه علي ، ثم ابنه محمد . وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إليهم . هذا . مع الاستمرار على البراءة من أبي بكر ، وعمر ، وعثمان . ولكنهم أجازوا بيعة علي ابن أبي طالب ، لأن العباس نفسه كان قد أجازها [2] . وتسمى هذه الفرقة ب : " الراوندية والشيعة العباسية " . ولكننا لا نجد لهذه الفرقة أثرا في عصر المأمون ، لأن سياسة الخليفة قد اقتضت تجميد هذه المقالة ، ولو لفترة من الزمان كما سنوضحه وعلى كل حال فيقول منصور النمري يمدح الرشيد : لولا عدي وتيم لم تكن وصلت * إلى أمية تمريها وترتضع إن الخلافة كانت إرث والدكم * من دون تيم ، وعفو الله متسع [3]
[1] هذا . ولكن الذي يبدو هو أن صاحب الفكرة الحقيقي هو المنصور . كما يظهر من رسالته لمحمد بن عبد الله بن الحسن ، ومن كثير من كلماته ، وخطبه . والمهدي كان هو المنفذ لها ، والمخرج من عالم القوة إلى عالم الفعل . . بل لقد سار المنصور في إشاعة هذه الفكرة ، وتركيزها شوطا بعيدا ، حتى لقد تقرب إليه بها الشعراء ، فهذا السيد الحميري يقول - على ما يرويه لنا المرزباني في أخباره ص 37 ويروي أيضا مكافأة المنصور المهمة له على ذلك - يقول السيد : يا رهط أحمد إن من أعطاكم * ملك الورى وعطاؤه أقسام رد الخلافة والوراثة فيكم * وبنو أمية صاغرون رغام لمتمم لكم الذي أعطاكم * ولكم لديه زيادة وتمام أنتم بنو عم النبي عليكم * من ذي الجلال تحية وسلام وورثتموه وكنتم أولى به * إن الولاء تحوزه الأرحام إلى غير ذلك مما لا مجال لنا لتتبعه واستقصائه . [2] فرق الشيعة للنوبختي ص 48 ، 49 ، وتاريخ ابن خلدون ج 3 ص 173 ، ومروج الذهب للمسعودي ج 3 ص 236 ، إلا أن النوبختي ذكر أنهم لم يجيزوا حتى بيعة علي أيضا . [3] طبقات الشعراء لابن المعتز ص 244 ، والشعر والشعراء ص 546 .