فقد قال داوود بن علي ، أول خطيب لهم على منبر الكوفة ، في أول كلام له أمام السفاح : " . وإنما أخرجنا الآنفة من ابتزازهم حقنا ، والغضب لبني عمنا [1] . " . ونرى السفاح في خطبته الأولى أيضا في مسجد الكوفة ، بعد أن ذكر عظمة الرب تبارك وتعالى ، وفضل النبي صلى الله عليه وآله " قد قاد الولاية والوراثة ، حتى انتهيا إليه ، ووعد الناس خيرا [2] . " . ويقال : إن من جملة ما قاله السفاح في خطبته الأولى : " . فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا ، وأوجب عليهم حقنا ومودتنا ، وأجزل من الفئ ، والغنيمة نصيبنا ، تكرمة لنا وفضلا علينا . وزعمت السبائية الضلال : أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة . إلى أن قال : ورد علينا حقنا [3] . "
[1] الطبري ، طبع ليدن ج 10 ص 31 ، والبداية والنهاية ج 10 ص 41 ، وشرح النهج للمعتزلي ج 7 ص 154 ، والكامل لابن الأثير ج 4 ص 325 . [2] تاريخ ابن خلدون ج 3 ص 129 ، ومروج الذهب ج 3 ص 256 ، والطبري ج 10 ص 37 ، طبع ليدن . [3] الطبري ج 10 ص 39 ، 40 ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص 257 ، والبداية والنهاية ج 10 ص 41 ، والكامل لابن الأثير ج 4 ص 324 ، 325 . لكن الظاهر أن لعن السبائية ( وهم الشيعة الإمامية حسب مصطلحهم ) مفتعل على لسان السفاح . لأن كلمة داوود بن علي المتقدمة تدل على إنكار العباسيين - في بدء أمرهم - خلافة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وتمسكهم بخلافة علي عليه السلام ، حيث يصلون حبل وصايتهم بها . . وإن كانوا قد رجعوا عن هذه العقيدة بعد ذلك حسبما أشرنا إليه إلى العقيدة التي كان قد روجها معاوية . . ولكن من المؤكد أنهم استمروا على عقيدتهم تلك ، أعني إنكار خلافة الثلاثة ، ووصلهم حبل وصايتهم بعلي عليه السلام ، إلى زمن المنصور ، الذي كان أول من أوقع الفتنة بين العباسيين والعلويين كما سيأتي . .