وأنه كان يلاحقهم تحت كل حجر ومدر ، وفي كل سهل وجبل ، على حد تعبير الخوارزمي [1] . المرحلة الرابعة : ثم تأتي المرحلة الرابعة والأخيرة ، وهي : ادعاؤهم الخلافة بالإرث ، كما أشرنا إليه . ولكنهم استمروا يربطون الثورة بأهل البيت عليهم السلام من ناحيتين : الأولى : ادعاؤهم الخلافة بالإرث عن طريق علي بن أبي طالب ، ومحمد بن الحنفية ، كما سيأتي بيانه . الثانية : ادعاؤهم أنهم إنما خرجوا للأخذ بثارات العلويين . فأما ادعاؤهم استحقاقهم الخلافة بالإرث ، عن طريق علي بن أبي طالب عليه السلام ، واحتجاجهم بقرباهم النسبية من رسول الله صلى الله عليه وآله ، فإننا نلمحها في كثير من مواقفهم ، حيث كانوا يستطيلون على الناس بهذه القربى ، ويحتجون بها في مختلف المناسبات [2] .
[1] ولكننا لا نجد فيما بأيدينا من الشواهد التاريخية ، ما يؤيد دعوى الخوارزمي هذه عدا ما ذكروه من أنه : قتل عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ، وعبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين . [2] حيث قد ظلوا بحاجة لأن يصلوا حقهم الذي كانوا يدعونه . بحق علي بن أبي طالب عليه السلام ، ووصايتهم بالوصاية التي له ، والتي لا يجهلها أحد ، وليصححوا بهذه الوسيلة خلافتهم ، ويتقبلها الناس . فكانت السلسلة التي سيأتي بيانها هي معتمدهم ، مضيفين إليها تبرأهم من أبي بكر وعمر وعثمان . وفي الحقيقة أن تلك هي عقيدة الكيسانية انتحلوها لأنفسهم بوحي من مصالحهم الخاصة . حتى إذا ما وصلوا إلى الحكم نراهم قد قطعوا حبل صلتهم بعلي ، وولده ، وجعلوا الخلافة حقا للعباس وولده . . ثم تخلوا عن ذلك كله فيما بعد ، ورجعوا إلى العقيدة التي أسسها معاوية ، ولكنهم اختلفوا عنه بأنهم أدخلوا عليا ، وجعلوه في المرتبة الرابعة ، وكان ذلك بداية وجود أهل السنة بخصائصهم ، ومميزاتهم المذهبية ، ولهذا البحث مجال آخر ، والله هو الموفق والمستعان .