وأما أحمد أمين فيقول : إن ذلك بعيد ، لأن المؤرخين " يروون حزن المأمون الشديد عليه ، كما يرون أن المأمون بعد موته . وبعد انتقاله إلى بغداد ظل يلبس الخضرة . . إلى أن قال : فإن كان حقا قد سم ، يكون قد سمه أحد غير المأمون ، من دعاة البيت العباسي . . " . ثم استشهد لذلك أيضا بمناظرة المأمون للعلماء في تفضيل الإمام علي ( ع ) ، والتي ذكرها ابن عبد ربه في العقد الفريد ، وبأنه ظل يظهر العطف على العلويين ، رغم كثرة خروجهم عليه [1] . وصاحب كتاب عصر المأمون يستند في استبعاده لذلك إلى تلك الرعاية . التي أظهرها المأمون له ، وذلك الاحترام والتقدير ، الذي كان يحيطه به ، وخصوصا بعد أن توثقت عرى المودة بينهما بالمصاهرة ، وضيف إلى ذلك أيضا : أن نفسية المأمون ، وخلقه ، يأبيان - على زعمه - عليه ذلك . وعقد ولاية العهد له من بعده هو عند هؤلاء الدليل القاطع على حسن نية المأمون ، وسلامة طويته . والدكتور أحمد محمود صبحي يرى : أن قضية مسمومية الرضا ( ع ) هي من مختلقات الشيعة " الذين لم يجدوا تناقضا بين الحظوة التي كان ينالها من المأمون ، ثم مبايعته له بولاية العهد ، وتزويجه أخته [2] ، وبين أن يدس له المأمون السم في العنب ، ثم يصلي عليه ، ويدفنه بجوار قبر أبيه الرشيد ، فقد أصبح مقدرا على الأئمة منذ الحسن : أن يكون قاتلوهم هم : الخلفاء ، أو بإيعاز منهم . " [3] .
[1] ضحى الإسلام ج 3 ص 295 ، 296 . [2] قد اتفق المؤرخون تقريبا على أن المأمون قد زوج للرضا عليه السلام " ابنته " وليس أخته . ولم يذكر أنها أخته إلا شاذ منهم لا يعتد به ، وهو الذي يتشبث به الدكتور هنا ، ولعله لأنهم رأوا عدم انسجام سن الإمام مع سن ابنته آثروا أن يجعلوها أخته . . وأيا كانت الحقيقة فإن مقصود المأمون هنا حاصل . . [3] نظرية الإمامة ص 387 .