ومن أجل ذلك - بكل تأكيد - أخذ يجمع العلماء [1] ويجلبهم من أقاصي البلدان ، ويأمرهم بتهيئة أشكل المسائل وأصعبها ، وطرحها على الإمام ( ع ) عله يقطعه عن الحجة . ولو مرة واحدة . ليحط بذلك من كرامته ، ويشوه سمعته ، ويظهر عجزه وعيه ، ويرى الناس أن ما يدعيه من العلم والمعرفة بآثار رسول الله وعلومه لا حقيقة له ، ولا واقع وراءه . قال الصدوق عليه الرحمة : " . . كان المأمون يجلب على الإمام ( ع ) من متكلمي الفرق ، وأهل الأهواء المضلة كل من سمع به ، حرصا على انقطاع الرضا ( ع ) عن الحجة مع واحد منهم إلخ . " [2] . وقال إبراهيم بن العباس : " سمعت العباس يقول : . . . وكان المأمون يمتحنه ( أي يمتحن الإمام ( ع ) بالسؤال عن كل شئ ، فيجيبه الجواب الشافي . . " [3] . وقال أبو الصلت : " . . فلما لم يظهر منه للناس إلا ما ازداد به فضلا عندهم ، ومحلا في نفوسهم ، . حلب عليه المتكلمين من البلدان ، طمعا في أن يقطعه واحد منهم ، فيسقط محله عند العلماء ، وبسببهم يشتهر نقصه عند العامة ، فكان لا يكلمه خصم من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والصائبين ، والبراهمة ، والملحدين ، والدهرية ، ولا خصم
[1] مع أنه هو نفسه قد فرق عن الإمام تلامذته ، عندما أخبروه أنه يقوم بمهمة التدريس ، كما أشرنا إليه ! . [2] مسند الإمام الرضا ج 2 ص 105 ، والبحار ج 49 ص 179 ، وعيون أخبار الرضا ج 1 ص 191 . [3] الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 237 ، وإعلام الورى ص 314 ، وأعيان الشيعة ج 4 قسم 2 ص 107 ، ويراجع أيضا : مناقب ابن شهرآشوب ج 4 ص 350 ، وغير ذلك .