وأبعد أثرا ، وأشد خطرا . . إنه خشي من أن الرضا إذا ما صعد المنبر ، وخطب الناس ، بعد أن هيأهم نفسيا ، وأثارهم عاطفيا إلى هذا الحد - خشي - أن يأتي بمتمم لكلامه الذي أورده في نيشابور : " وأنا من شروطها . . " وأنه ظهر إليهم على الهيئة التي كان يخرج عليها النبي محمد صلى الله عليه وآله ، ووصيه علي ( ع ) . . ما من شأنه أن يجعل المأمون وأشياعه لا يأمنون بعد على أنفسهم ، كما ذكر الفضل بن سهل . . ولسوف يحول الإمام مروا من معقل للعباسيين والمأمون ، وعاصمة ، وحصن قوي لهم ضد أعدائهم - من العرب وغيرهم - سوف يحولها إلى حصن لأعداء العباسيين والمأمون ، حصن لأئمة أهل البيت . ففضل المأمون : أن يختار إرجاعه ( ع ) عن الصلاة ، لأنه رأى أن ذلك هو أهون الشرين ، وأقل الضررين . . ولقد جرب المأمون الرضا أكثر من مرة ، وأصبح يعرف أنه مستعد لأن يعلن رأيه صراحة في أي موقف تؤاتيه فيه الفرصة ، ويقتضي الأمر فيه ذلك . ولم ينس بعد موقفه في نيشابور ، ولا ما كتبه في وثيقة العهد ، ولا غير ذلك من مواقفه ( ع ) وتصريحاته في مختلف الأحوال والظروف . . الموقف الحادي عشر : وأخيرا . فقد كان سلوك الإمام ( ع ) العام ، سواء بعد عقد ولاية العهد له ، أو قبلها . يمثل ضربة لكل خطط المأمون ومؤامراته ، ذلك السلوك المثالي ، الذي لم يتأثر بزبارج الحكم وبهارجه . . ويكفي أن نذكر هنا ما وضعه به إبراهيم بن العباس ، كاتب القوم وعاملهم ، حيث قال : " ما رأيت أبا الحسن جفا أحدا بكلامه قط ، وما رأيته قطع على