1 - الأثر العاطفي ، والقاعدة الشعبية : فنلاحظ : أننا حتى بعد مرور اثني عشر قرنا على هذه الواقعة ، لا نملك أنفسنا ونحن نقرأ وقائعها ، من الانفعال والتأثر بها ، فكيف إذن كانت حال أولئك الذين قدر لهم أن يشهدوا ذلك الموقف العظيم ؟ ! . وغني عن البيان هنا : أن شأن هذه الواقعة هو شأن واقعة نيشابور ، من حيث دلالتها دلالة قاطعة على كل ما كان للرضا من عظمة وتقدير في نفوس الناس وقلوبهم ، وعلى مدى اتساع القاعدة الشعبية له ( ع ) . . 2 - لماذا يجازف المأمون بإرجاعه ( ع ) : وإذا كان هدف المأمون من الاصرار على الإمام بأن يصلي بالناس هو أن يخدع الخراسانيين والجند والشاكرية ، ويجعلهم يطمئنون على دولته المباركة فإنه من الواضح أيضا أن إرجاع المأمون للإمام ( ع ) في مثل تلك الحالة ، وذلك التجمع الهائل ، وتلك الثورة العاطفية في النفوس ، كان ينطوي على مجازفة ومخاطرة لم تكن لتخفى على المأمون ، وأشياعه ، حيث لا بد وأن يثير تصرفه هذا حنق تلك الجماهير التي كانت في قمة الهيجان العاطفي ، ويؤكد كراهيتها له . . وعلى الأقل لن تكون مرتاحة لتصرفه هذا على كل حال . وبعد هذا . . فإنه إذا كان المأمون يخشى من مجرد إقامة الإمام للصلاة . . فلا معنى لأن يلح عليه هو بقبولها . . وكذلك لا معنى لأن يخشى ذلك الهيجان العاطفي ، وتلك الحالة الروحية ، التي أثارها فعل الإمام ( ع ) وتصرفه في هذا الموقف . . فذلك إذن ما لم يكن يخافه ويخشاه . . فمن أي شئ خاف المأمون إذن ؟ ! إنه كان يخشى ما هو أعظم