وكانت هذه ضربة قاضية وقاصمة للمأمون . لم يكن قد حسب لها أي حساب . ولم يكن ليتمكن في مقابل ذلك من أي عمل ضد الإمام ( ع ) ، بعد أن كان هو الجاني على نفسه ، ف " على نفسها جنت براقش " . وبعد كل ذلك فقد قدمنا قول ابن المعتز : وأعطاكم المأمون حق خلافة * لنا حقها ، لكنه جاد بالدنيا وخلاصة الأمر : إنه ( ع ) لم يكن يدخر وسعا في إحباط مسعى المأمون ، وتضييع الفرصة عليه ، وإفهام الناس أنه مكره على هذا الأمر ، مجبر عليه . والتأكيد على أن المأمون لم يجعل له إلا ما هو حق له ، ولذا فلا يمكن أن يعتبر قبوله بولاية العهد اعترافا بشرعية الخلافة العباسية ، أو بشرعية أي تصرف من تصرفاتها . كما أنه إذا كان ذلك حقا للإمام اغتصبه الغاصبون ، واعتدى عليه فيه المعتدون ، فليس المأمون حق في أن يعرض له ( ع ) بالمن عليه ، بما جعل له من ولاية العهد . وكذلك ليس للمأمون بعد : أن يدعي العدل والإنصاف ، فضلا عن الايثار والتضحية في سبيل الآخرين ، بعد أن فضح الإمام أهدافه من لعبته تلك ، وعرف كل أحد أنها لم تكن شريفة ولا سليمة . الأكذوبة المفضوحة : وبعد . . فقد ذكر بعض أهل الأهواء ، كابن قتيبة ، وابن عبد ربه ، واقعة خيالية ، غير تلك التي ذكرناها آنفا وهي : أن المأمون قال لعلي بن موسى : علام تدعون هذا الأمر ؟ ! . قال : " بقرابة علي وفاطمة من رسول الله صلى الله عليه وآله . . " .