عندما حاول هذا أن يحصل منه ( ع ) على اعتراف بأن العباسيين والعلويين سواء بالنسبة لقرباهم من النبي صلى الله عليه وآله ، وذلك من أجل أن يثبت - بزعمه - أن له ولبني أبيه حقا في الخلافة ، فكانت النتيجة : أن نجح الإمام ( ع ) في انتزاع اعتراف من المأمون بأن العلويين هم الأقرب . . وتكون النتيجة - على حسب منطق المأمون ، ومنطق أسلافه كما قدمنا - هي : أن العلويين هم الأحق بالخلافة والرياسة ، وأنه هو ، وآباءه غاصبون ، ومعتدون . . فبينما المأمون والرضا ( ع ) يسيران ، إذ قال المأمون : " . . يا أبا الحسن ، إني فكرت في شئ ، فنتج لي الفكر الصواب فيه : فكرت في أمرنا وأمركم ، ونسبنا ونسبكم ، فوجدت الفضيلة فيه واحدة ، ورأيت اختلاف شيعتنا في ذلك محمولا على الهوى والعصبية . فقال له أبو الحسن الرضا ( ع ) : إن لهذا الكلام جوابا ، إن شئت ذكرته لك ، وإن شئت أمسكت . . فقال له المأمون : إني لم أقله إلا لأعلم ما عندك فيه . . قال له الرضا ( ع ) : أنشدك الله يا أمير المؤمنين ، لو أن الله تعالى بعث نبيه محمدا صلى الله عليه وآله ، فخرج علينا من وراء أكمة من هذه الآكام ، يخطب إليك ابنتك ، كنت مزوجه إياها ؟ . فقال : يا سبحان الله ، وهل أحد يرغب عن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ ! . فقال له الرضا ( ع ) ، أفتراه كان يحل له أن يخطب إلي ؟ . قال : فسكت المأمون هنيئة ، ثم قال : . " أنتم والله ، أمس برسول الله رحما . " [1] .
[1] كنز الفوائد للكراجكي ص 166 ، والفصول المختارة من العيون والمحاسن ص 15 ، 16 ، والبحار ج 49 ص 188 ، ومسند الإمام الرضا عليه السلام ج 1 ص 100 .