حيلته لم تكن لتجوز ، وأن زيفه لا ينطلي عليه ، وأن عليه أن يكف في المستقبل عن كل مؤامراته ومخططاته . وليكون المأمون بعد هذا غير مطمئن لأي عمل يقدم عليه ، وضعيف الثقة بكل الحيل والمؤامرات التي يحوكها . هذا بالإضافة إلى أن الناس سوف يشكون في طبيعية هذا الأمر ، وسلامة نوايا المأمون فيه . الموقف السادس : ولم يكتف الإمام ( ع ) بذلك كله . . بل كان لا يدع فرصة تمر إلا يؤكد فيها على أن المأمون قد أكرهه على هذا الأمر ، وأجبره عليه ، وهدد بالقتل إن لم يقبل . يضاف إلى ذلك . أنه كان يخبر الناس في مختلف المناسبات : أن المأمون سوف ينكث العهد ، ويغدر به . . حتى لقد قال في نفس مجلس البيعة للمستبشر : " لا تستبشر ، فإنه شئ لا يتم " بل لقد كتب في نفس وثيقة العهد ما يدل على ذلك دلالة واضحة ، كما سيأتي بيانه في الموقف الثامن . هذا عدا عن أنه كان يصرح بأنه لا يقتله إلا المأمون ، ولا يسمه إلا هو ، حتى لقد واجه نفس المأمون بهذا الأمر . بل إنه لم يكن يكتفي بمجرد القول ، وإنما كانت حالته على وجه العموم في فترة ولاية العهد تشير إلى عدم رضاه بهذا الأمر ، وإلى أنه مكره مجبر عليه . حيث إنه كان على حد تعبير الرواة : " في ضيق شديد ، ومحنة عظيمة " و " لم يزل مغموما مكروبا حتى قبض " ، و " قبل البيعة ، وهو باك حزين " وكان كما يقول المدائني : " إذا رجع يوم الجمعة من