فأجابه الإمام ( ع ) : " جرأني على هذا ما قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن أخذ أبو جهل من رأسي شعرة ، فأشهد أني لست بنبي . . وأنا أقول لكم : إن أخذ هارون من رأسي شعرة ، فاشهدوا أني لست بإمام . " [1] . وفي هذا المعنى روايات عديدة [2] . ولكنهم عليهم السلام قد انصرفوا بعد الحسين ( ع ) عن طلب هذا الأمر بالسيف . إلى تربية الأمة ، وحماية الشريعة من الانحرافات التي كانت تتعرض لها باستمرار ، ولأنهم كانوا يعلمون : أن طلب هذا الأمر من دون أن يكون له قاعدة شعبية قوية وثابتة ، وواعية ، لن يؤدي إلى نتيجة ، ولن يقدر له النجاح ، الذي يريدونه هم ، ويريده الله . ولكنهم - كما قلنا - ظلوا عليهم السلام يجاهرون بأحقيتهم بهذا الأمر ، حتى مع خلفاء وقتهم ، كما يظهر لكل من راجع مواقفهم وأقوالهم في المناسبات المختلفة . الموقف الخامس : رفضه الشديد لكلا عرضي المأمون : الخلافة ، وولاية العهد ، وإصراره على هذا الرفض الذي استمر أشهرا ، وهو في مرو نفسها ، حتى لقد هدده المأمون أكثر من مرة بالقتل . وبذلك يكون قد مهد الطريق ليواجه المأمون بالحقيقة ، حيث قال له : إنه يريد أن يقول للناس : إن علي بن موسى لم يزهد بالدنيا ، وإنما الدنيا هي التي زهدت فيه ، وليكون بذلك قد أفهم المأمون أن
[1] المناقب لابن شهرآشوب ج 4 ص 339 ، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 213 . [2] راجع : البحار ج 49 ، وروضة الكافي : وعيون أخبار الرضا ، وإرشاد المفيد ، وغير ذلك .