كانوا أحب إلى قلبه ، وأجلى في عينه من كل أحد ، على حد تعبيره في رسالته للعباسيين . ولقد قدمنا الشرح الكافي والوافي لحقيقة الظروف والأسباب ، التي دعت المأمون إلى ذلك ، والتي هي دون شك كافية لأن تجعل المأمون يقدم على أي عمل - ولو كان انتحاريا - من أجل إنقاذ نفسه وخلافته ، والعباسيين . . حتى ولو كان ذلك الشئ هو قتل الإمام ( ع ) . . ولقد أخبر الإمام كرات ، ومرات : أنه لم يقبل إلا بعد أن أشرف من المأمون على الهلاك . مبررات قبول الإمام لولاية العهد : ولقد قبل الإمام ( ع ) ولاية العهد . ولكن . . بعد أن عرف أن ثمن رفضه لها لن يكون غير نفسه التي بين جنبيه . هذا عدا عما سوف يتبع ذلك من تعرض العلويين ، وكل من يتشيع لهم إلى أخطار هم في غنى عنها . . ولو فرض أنه كان له هو ( ع ) الحق - في مثل هذه الظروف - في أن يعرض نفسه للهلاك ، فلن يكون له حق أبدا في أن يعرض غيره من شيعته ومحبيه ، والعلويين أجمع إلى الهلاك أيضا . . هذا . . عدا عن أنه ( ع ) كان عليه أن يحتفظ بحياته ، وحياة شيعته ومحبيه ، لأن الأمة كانت بأمس الحاجة إلى وعيهم وإدراكهم ، ليكونوا لها قدوة ومنارا ، تهتدي ، وتقتدي به ، في حالكات المشاكل ، وظلم الشبهات . نعم . . لقد كانت الأمة بأمس الحاجة إلى الإمام ( ع ) ، وإلى من رباهم الإمام ، حيث كان قد غزاها في ذلك الوقت تيار فكري ، وثقافي غريب ، من الزندقة والإلحاد ، وشاعت فيها الفلسفات والتشكيكات