على حياة خلفاء بني العباس ، ومن قبلهم بني أمية المليئة بالانحرافات والموبقات . أولئك الخلفاء الذين كانوا في طليعة المستهترين ، والمتحللين من كل قيود الدين والإنسانية ، والذين كانوا يتساهلون في كل شئ ، ما دام لا يضر بوجودهم في الحكم . . نعم . . في كل شئ على الاطلاق ، حتى في الدين وأحكامه ، والأخلاق ، والمثل العليا ، وما ذلك إلا لأنهم لم يكن همهم إلا الحكم ، والتسلط ، وامتصاص دماء الشعوب ، ولا يهمهم - بعد - أن يفعل الناس ما شاءوا . ليتستروا بالدين ، ليكفروا بالله ، ليتحللوا من الأخلاق والفضائل الإنسانية ، ليأكل بعضهم بعضا ، ليكونوا أنعاما سائمة ، أو ليكونوا وحوشا ضارية ، فإن ذلك كله لا يضر . والذي يضر فقط هو : أن يتعرضوا للحكم ، ويفكروا بالسلطان ، كيفما كان التعرض ، وأيا كان التفكير . وإذا كان الإمام علي ( ع ) عندما أراد أن يحكم بما أنزل الله تعالى ، قد لاقى ما لاقى مما لا يجهله أحد . . رغم ما سمعته الأمة من فم النبي صلى الله عليه وآله مباشرة في حقه ، وقرب عهدها به . فكيف بعد أن مرت عشرات السنين ، وأصبح الانحراف عادة جارية ، وسنة متبعة ، واتخذ نحوا من الأصالة في حياة الأمة ، وروحها ، وأصبح - للأسف - جزءا لا يتجزأ من كيانها وواقعها . . وأيضا . . إذا كان أبو مسلم قد قتل ست مئة ألف نفس صبرا ، عدا مئات الألوف الأخرى ، التي ذهبت طعمة للسيوف في المعارك . وإذا كانت ثورة أبي السرايا قد كلفت المأمون " 200 " ألف جندي ، من جنوده هو . . وإذا كان العصيان ما انفك يظهر من كل جانب ومكان ، رغم أن