ويبقى هنا سؤال : " لو أن الإمام قبل عرض الخلافة ، فماذا ترى سوف يكون موقف المأمون ؟ ! " . أولا : وقد يمكن الاقتناع بالجواب هنا لو قيل : بديهي أن المأمون كان قد أعد العدة لأي احتمال من هذا النوع . . وقد كان يعلم أنه يستحيل على الإمام ، خصوصا في تلك الظروف : أن يقبل عرض الخلافة ، من دون إعداد مسبق لها ، وتعبئة شاملة لجميع القوى ، وفي مختلف المجالات ، ولسوف يكون قبوله لها بدون ذلك عملا انتحاريا ، لا مبرر له ، ولا منطق يساعده . إذ من البديهي أن الإمام الذي كان يعلم كم كان للقائد الحقيقي ، والمصلح الواعي ، من أثر في حياة الأمة ، وفي مستقبلها ، وكيف يمكن أن تتحد في ظلة قدرات الأمة - أفرادا وجماعات - وإمكاناتها المادية ، والفكرية وغيرها في طريق صلاحها ، وإصلاحها . . ويعلم أيضا : كيف يكون الحال ، لو كان القائد فاسدا ، حتى بالنسبة لما يبدو من تصرفاته في ظاهره صحيحا وسليما . . إن الإمام الذي كان يعلم ذلك وسواه - وبصفته القائد الحقيقي للأمة ، لو حكم ، فلا بد له أن يقيم دولة الحق والعدل ، ويحمل الناس على المحجة ، ويحكم بما أنزل الله ، كما حكم جده محمد صلى الله عليه وآله ، وأبوه علي ( ع ) من قبل . . وحكمه هذا سوف يكون مرفوضا جملة وتفصيلا ، لأن الناس ، وإن كانوا عاطفيا مع أهل البيت عليهم السلام ، إلا أنهم حيث لم يتربوا تربية إسلامية صحيحة ، وصالحة ، إذا أراد العلويون ، أو غيرهم حملهم على المحجة ، فلسوف لا ينقادون لهم بسهولة ، ولا يطيعونهم بيسر ، ولسوف يكون الحكم بما أنزل الله غريبا على أمة اعتادت