يضاف إلى ذلك ما كان يعانيه العرب من الانقسامات الداخلية ، التي كانت تمزق صفوفهم وتوهن قوتهم . وأما المضرية فقد كانوا جماعة نصر بن سيار الموالي للأمويين ، واليمانية كانوا جماعة ابن الكرماني المناهض لنصر [1] . أبو مسلم ينفذ الوصية : وقد حرص أبو مسلم على تنفيذ وصية إبراهيم الإمام كل الحرص . حتى لقد قتل - كما يقول الذهبي واليافعي - : " خلقا لا يحصون محاربة وصبرا ، وكان حجاج زمانه [2] . " . ويقول المؤرخون : إن من قتلهم أبو مسلم صبرا قد بلغ " ست مئة ألف نفس " من المسلمين ، من المعروفين ، سوى من لم يعرف ، ومن قتل في الحروب ، وتحت سنابك الخيل [3] . وقد اعترف المنصور نفسه بذلك ، عندما عاتب أبا مسلم ، ثم قتله ، فكان من جملة ما عاتبه به قوله : " فأخبرني عن ست مئة ألف من المسلمين ، قتلتهم صبرا ؟ ! " . ولم ينكر أبو مسلم ذلك ، وإنما أجابه بقوله :
[1] راجع : تاريخ الجنس العربي ج 8 / 417 . [2] العبر للذهبي ج 1 / 186 ، ومرآة الجنان ج 1 / 285 . [3] البداية والنهاية ج 10 / 72 ، ووفيات الأعيان ج 1 / 281 ، طبع سنة 1310 ه . ومختصر تاريخ الدول ص 121 ، والكامل لابن الأثير ج 4 ص 354 ، وشرح شافية أبي فراس ص 211 ، وغاية المرام في محاسن بغداد دار السلام للعمري الموصلي ص 116 وتاريخ ابن الوردي ج 1 / 261 ، ومآثر الإنافة في معالم الخلافة ج 1 / 178 ، والنزاع والتخاصم للمقريزي ص 46 .