إلى ما يريدون ، وأقبل الامام تحف به البقية الطيبة من صحابة الرسول صلى الله عليه وآله فقوبل بموجة من الهتافات المؤيدة له ، وقد أعلنوا عن رغبتهم الملحة في أن يتولى شؤون المسلمين ، واعتلى الامام أعواد المنبر فخاطب الجماهير قائلا : " أيها الناس إن هذا أمركم ليس لأحد فيه حق إلا من أمرتم ، وقد افترقنا بالأمس وكنت كارها لامركم فأبيتم إلا أن أكون عليكم ، إلا وانه ليس لي أن أخذ درهما دونكم فان شئتم قعدت لكم وإلا فلا أأخذ على أحد " . وألقى الامام الأضواء على سياسته المالية النيرة فهو يحتاط كأشد ما يكون الاحتياط بأموال الدولة ، فلا يستأثر بأي شئ منها ، ولا ينفق درهما على مصالحه وشؤونه الخاصة وهو يشير بذلك إلى الذين تمرغوا في أموال الخزينة المركزية أيام الحكم المباد فنهبوا الأموال ، وأخذوها بغير حلها ، وانه إذا تولى شؤون المسلمين فسوف يحرمون منها ويعاملون كبقية أفراد الشعب ، ويعود المال - حسب ما يريد الله - للأمة لا للحاكم . وتعالت الهتافات من جميع جنبات المسجد وهي تعلن الاصرار الكامل على انتخابه قائلين بلسان واحد : " نحن على ما فارقناك عليه بالأمس . . . " . وتدافعت الجماهير كالموج المتلاطم إلى البيعة ، وتقدم طلحة بيده الشلاء التي سرعان ما نكث بها عهد الله فبايع فتطير منه الامام وطفق يقول : " ما أخلقه أن ينكث " [1] . وتوالت الجماهير تبايع الامام ، وهي انما يبايع الله ورسوله ، وبايعته القوات المسلحة من المصريين والعراقيين ، وبايعه عرب الأمصار ، وأهل