الكعبة ، وقد هرب بعد فتح مكة فاستجار بعثمان فغيبه ، وبعدما اطمأن أهل مكة أتى به عثمان إلى النبي ، فصمت ( ص ) طويلا ثم آمنه وعفا عنه ، فلما انصرف عثمان التفت النبي إلى أصحابه ، قال لهم : ما صمت إلا ليقوم إليه بعضكم ليضرب عنقه ، فقال له رجل من الأنصار : هلا أومأت إلي يا رسول الله ؟ فقال : إن النبي لا ينبغي أن تكون له خائنة الأعين [1] . ولما ولي عبد الله مصر ساس المصرين سياسة عنف وجور وكلفهم فوق ما يطيقون ، وأظهر الكبرياء والجبروت ، فضجروا منه ، فخف خيارهم إلى عثمان يشكونه إليه ، فبعث إليه رسالة يستنكر فيها سيرته وسياسته في القطر ، ولم يستجب ابن أبي سرح لعثمان ، وراح مصرا على غيه واعتدائه على الناس ، وعمد إلى من شكاه لعثمان فقلته ، وشاع التذمر والسخط عليه فتشكل وفد كبير من المصريين وكان عددهم فيما يقول الرواة : سبع مائة شخص فخفوا إلى عثمان ، وقد نزلوا في الجامع وشكوا إلى الصحابة ما صنع بهم ابن أبي سرح فانبرى طلحة إلى عثمان فكلمه بكلام قاسي ، وأرسلت إليه عائشة تطالبه بانصاف القوم ، وكلمه الامام أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : " إنما يسألك القوم رجلا مكان رجل ، وقد ادعوا قبله دما ، فأعزله عنهم واقض بينهم ، فان وجب عليه حق فانصفهم منه . . . " . واستجاب - على كره - للقوم ، وقال لهم : " اختاروا رجلا أوليه عليكم مكانه " فأشار الناس عليه بمحمد بن أبي بكر ، فكتب عهده إلى مصر ووجه معه عدة من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين