العظيم بعد عزله الوليد بن عقبة لاقترافه جريمة شرب الخمر ، وقد استقبل الكوفيون واليهم الجديد بالكراهية وعدم الرضا لأنه كان شابا مترفا متهورا لا يتحرج من المنكر ، يقول المؤرخون : إنه قال مرة في رمضان من رأى منكم الهلال ؟ فقام الصحابي العظيم هاشم بن عتبة المرقال فقال : " أنا رأيته " فلم يعن به وإنما وجه إليه منكر القول وأقساه قائلا : " بعينك هذه العوراء رأيته ؟ ! " . فالتاع هاشم وانبرى منكر عليه قائلا : " تعيرني بعيني ، وانما فقئت في سبيل الله ، وكانت عينه أصيبت يوم اليرموك " . وأصبح هاشم مفطرا ، عملا بقول رسول الله ( ص ) : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " وفطر الناس لافطاره ، وانتهى الخبر إلى سعيد فأرسل إليه وضربه ضربا مبرحا ، وحرق داره ، وقد أثار ذلك حفائظ النفوس ونقم عليه الناس لأنه اعتدى بغير حق على علم من أعلام الجهاد في الاسلام [1] . وكان سعيد في منتهى الطيش والغرور فقد أثر عنه أنه قال : " انما السواد - يعني سواد الكوفة - بستان لقريش " وأثار ذلك عليه موجة من الغضب والاستياء فقد اندفع زعيم الأحرار مالك الأشتر رادا عليه قائلا : " أتجعل مراكز رماحنا ، وما أفاء الله علينا بستانا لك ولقومك ؟ والله لو رامه أحد لقرع قرعا يتصأصأ منه " . وهكذا اتخذ الحكم المنحرف الذي فرض على الأمة بقوة السيوف خيرات المجتمع بستانا لقريش التي ناهضت الاسلام وناجزته الحرب . وانضم قراء المصر وفقهاؤهم إلى الزعيم مالك مؤيدين مقالته ومنكرين