المسلمين على الحق الواضح والمحجة البيضاء - كما يقول عمر - ان هذه السياسة تتنافى مع الدعابة الناشئة عن ضعف الشخصية وخورها . وأكد عمر ان الامام لو ولي أمور المسلمين لسار فيهم بالحق ، وحملهم على الصراط المستقيم ، فكيف يجعله من أعضاء الشورى ، ولا ينص عليه بالخصوص ؟ وهل من الحيطة على الأمة أن يفوت عليها الفرصة ، ولا يسلم أمرها بيد من يسير فيها بسيرة قوامها العدل الخالص والحق المحض ؟ ! ! واقبل على عثمان عميد الأسرة الأموية التي ناهضت الاسلام فقال له : " هيها إليك ! ! كأني بك قد قلدتك قريش هذا الامر لحبها إياك فحملت بني أمية ، وبين أبي معيط على رقاب المسلمين ، وآثرتهم بالفئ ، فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب ، فذبحوك على فراشك ذبحا ، والله لئن فعلوا لتفعلن ، ولئن فعلت ليفعلن ، ثم أخذ بناصيته فقال : فإذا كان ذلك فاذكر قولي . . . " [1] . ونحن إذا تأملنا قليلا في قوله لعثمان : " كأني بك قد قلدتك قريش هذا الامر لحبها إياك " نجده قد قلد عثمان بالخلافة فان نظام الشورى الذي وضعه كان حتما يؤدي إلى فوزه بالسلطة ، فقد جعله أحد أعضاء الشورى وكان أكثرهم ممن له اتصال وثيق باسرة عثمان ، وهم لا يعدلون عن انتخابه ، ولا يقدمون غيره عليه وفي الحقيقة أنه هو الذي قلده الخلافة ، وفوض إليه أمور المسلمين ، ثم انه مع دراسة لنفسيته ، ووقوفه على حبه الشديد لأسرته كيف يرشحه للخلافة ، وهو بالذات يعلم خطر بني أمية على الاسلام ، وقد أعلن ذلك في حديثه مع المغيرة بن شعبة يقول له : - يا مغيرة هل أبصرت بعينك العوراء ؟ - لا .
[1] شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 185 - 186 الطبعة الأولى .