وأخلدت لهم الفتن والمصاعب ، وجرت لهم الويلات والخطوب ، وألقتهم في شر عظيم ، تلك هي قصة الشورى التي حكت عن تآمر مفضوح في اقضاء الامام أمير المؤمنين عن ساحة الحكم ، وتسليمه إلى بني أمية ارضاءا للعواطف القرشية المترعة بالحقد والكراهية للامام . ونحن - يعلم الله - لم نكن نقصد بهذه البحوث الا دراسة الاحداث التي عاشها الإمام الحسين وهي - فيما نعتقد - مصدر الفتنة الكبرى التي أدت إلى مجزرة كربلا الرهيبة ، وغيرها من الاحداث التي غيرت منهج الحياة الكريمة في الاسلام . وعلى أي حال فان عمر لما يئس من حياته ، وأيقن بدنو الاجل المحتوم منه أخذ بمعن النظر ويطيل التفكير فيمن يتولى شؤون الحكم من بعده ، وقد تذكر أقطاب حزبه الذين شاركوه في تمهيد الامر لأبي بكر فرأى أنهم قد اقتطفتهم المنية فراح يصعد آهاته وحسراته ، ويبدي أساه عليهم قائلا : " لو كان أبو عبيدة حيا لاستخلفته لأنه أمين هذه الأمة ، ولو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته لأنه شديد الحب لله تعالى . . . " . ولماذا لم يستعرض عمر الاحياء من الذين ساهموا في بناء الاسلام ؟ كسيد العترة الطاهرة الامام أمير المؤمنين ( ع ) والصفوة الطيبة من صحابة النبي ( ص ) كعمار بن ياسر وأبي ذر وغيرهم من الأنصار ليرشحهم لهذا المنصب الخطير ! ! لقد انطلق يفتش في قائمة الأموات فتمنى حياة أبى عبيدة ، وسالم ليقلدهما رئاسة الدولة ، مع العلم أنه لم تكن لهما أية سابقة من الجهاد والخدمة في سبيل الاسلام . وطلب منه القوم أن يعين أحدا من بعده ليتولى شؤون المسلمين فأبى وقال :