منه أن يأتيه إذا عرض له أمر ، وقصده يوما ، وهو خال بمعاوية ، ورأى ابنه عبد الله فطلب الاذن منه فلم يأذن له فرجع معه ، والتقى به عمر في الغد فقال له : " ما منعك يا حسين أن تأتيني ؟ " . " إني جئت ، وأنت خال بمعاوية ، فراجعت مع ابن عمر " . " أنت أحق من ابن عمر ، فإن أنبت ما ترى في رؤوسنا الله ثم أنتم " [1] . واقتضت سياسته أن يقابل سبطي الرسول ( ص ) الحسن والحسين عليهما السلام بمزيد من التكريم ، فقد جعل لهما نصيبا فيما يغنمه المسلمون ، ووردت إليه حلل من وشي اليمن ، فوزعها على المسلمين ، ونساهما ، فبعث إلى عامله على اليمن ان يرسل له حلتين ، فأرسلهما إليه فكساهما ، وقد جعل عطاءهما مثل عطاء أبيهما ، وألحقهما بفريضة أهل بدر ، وكانت خمسة آلاف [2] ولم تظهر لنا أي بادرة عن الإمام الحسين في عهد عمر سوى ما ذكرناه ، ويعود السبب في ذلك إلى انعزال الامام أمير المؤمنين مع أبنائه عن جهاز الحكم ، وايثارهم الانطواء عن القوم ، وعدم الاشتراك معهم في أي شأن من شؤون الدولة ، فقد أترعت نفوسهم بالأسى المرير والحزن العميق ، وقد أعلن الامام أساه وأحزانه في كثير من المواقف ، ويقول المؤرخون : إن عمر نزلت به نازلة فحار في التخلص منها ، وعرض على أصحابه ذلك فقال لهم : - ما تقولون في هذا الامر ؟ - أنت المفزع ، والمنزع .
[1] الإصابة 1 / 332 . [2] تاريخ ابن عساكر 4 / 321 .