من أمور الملك والسلطان ، ولا يشاركونه فيها ، وأعرض عنهم وأعرضوا عنه ، حتى الصق خده بالتراب ، كما يقول المؤرخون : يقول محمد بن سليمان في أجوبته عن أسئلة جعفر بن مكي عما دار بين علي وعثمان قال : " إن عليا دحضه الأولان - يعني الشيخين - وأسقطاه ، وكسرا ناموسه بين الناس ، فصار نسيا منسيا " [1] . ويعزو الإمام ( ع ) في حديث له مع عبد الله بن عمر إلى أبيه جميع ما لاقاه من النكبات التي منها تقدم عثمان عليه [2] . وعلى أي حال فان الإمام ( ع ) قد اعتزل عن الناس في عهد عمر كما اعتزلهم في عهد أبي بكر ، فصار جليس بيته يساور الهموم ، ويسامر النجوم ، ويتوسد الأرق ، ويفترش الأرق ، ويتجرع الغصص ، قد كظم غيظه فلم يتصل بأحد إلا بخلص أصحابه الذين عرفوا واقعة ، ومكانته كعمار ابن ياسر ، وأبي ذر ، والمقداد ، وقد عكف على جمع القرآن ، وكتابته والامعان في آياته . وأجمع المؤرخون على أن عمر كان يرجع إليه في مهام المسائل التي يسأل عنها ، والامام لم يضن عليه بالجواب ، اظهارا لاحكام الله التي يجب على العلماء اذاعتها بين الناس . . . وكان عمر يذيع فضل الامام ، ويقول : " لولا علي لهلك عمر " . والشئ المحقق ان عمر كان في أكثر المسائل الفقهية إذا سئل عنها لم يهتد لجوابها ، وانما يفزع إلى الإمام ( ع ) والى سائر الصحابة ، وقد اشتهرت كلمته " كل الناس أفقه من عمر حتى ربات الحجال " وقال :
[1] نهج البلاغة 9 / 28 طبع دار احياء الكتب العربية . [2] نهج البلاغة 9 / 54 .