حتى غشي عليها وخلدت وديعة النبي ( ص ) إلى البكاء في وضح النهار وفي غلس الليل وظل شبح أبيها يتابعها في كل فترة م حياتها القصيرة الأمد ، وقد ثقل على القوم فيما يقول المؤرخون ، بكاؤها فشكوها إلى الامام أمير المؤمنين ( ع ) وطلبوا منه ان تجعل لبكائها وقتا خاصا لأنهم لا يهجعون ولا يستريحون فكلمها أمير المؤمنين ( ع ) فأجابته إلى ذلك فكانت في نهارها تخرج خارج المدينة وتصحب معها ولديها الحسن والحسين فتجلس تحت شجرة من أراك ، فتستظل تحتها ، وتبكي أباها طيلة النهار فإذا أوشكت الشمس أن تغرب تقدمها الحسنان مع أبيهما ورجعوا قافلين إلى الدار التي خيم عليها الحزن والأسى ، وعمد القوم إلى تلك الشجرة فقطعوها فكانت تبكي في حر الشمس ، فقام أمير المؤمنين ( ع ) فبنى لها بيتا أسماه " بيت الأحزان " ظل رمزا لأساها على ممر العصور ، ونسب إلى قائم آل محمد ( ص ) انه قال فيه : أم تراني اتخذت لا وعلاها * بعد بيت الأحزان بيت سرور وكانت حبيبة رسول الله تمكث نهارها في ذلك البيت الحزين تناجي أباها وتبكيه أمر البكاء وأقساه ، وإذا جاء الليل أقبل علي فأرجعها إلى الدار مع ولديها الحسن والحسين . وأثر الحزن المرهق ببضعة النبي وريحانته حتى فتكت بها الأمراض فلازمت فراشها ، ولم تتمكن من النهوض والقيام فبادرت السيدات من نساء المسلمين إلى عيادتها فقلن لها : " كيف أصبحت من علتك يا بنت رسول الله ؟ " . فرمقتهن بطرفها ، وأجابتهن بصوت خافت مشفوع بالحزن والحسرات قائلة : " أجدني كارهة لدنياكن ، مسرورة لفراقكن ، ألقى الله ورسوله