المنافسين له فانحاز مع الخزرج فبايع أبا بكر ، وأفسد على سعد أمره . وعلى أي حال فان هذا الاختلاف والتشاحن مما أوجب أن يفلت الامر من أيدي الأنصار ويظفر به المهاجرون من قريش . فذلكة عمر : وشئ خطير بالغ الأهمية قام به عمر لتجميد الأوضاع ، وايقاف أي عملية تؤدي إلى انتخاب من يخلف الرسول ( ص ) ، لان زميله أبا بكر لم يكن في يثرب عند وفاة النبي ( ص ) وانما كان في ( السنح ) [1] . فبعث خلفه من يأتي به إلا أنه خشي أن يتقدم إلى الساحة أحد قبل مجيئه ، فانطلق بحالة رهيبة ، وهو يجوب في أزقة يثرب وشوارعها ويقف عند كل تجمع من الناس ، ويهز بيده سيفه ، وينادي بصوت عال قائلا : " إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله ( ص ) قد مات ، وانه والله ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران . . . والله ليرجعن رسول الله فيقطعن أيدي رجال وأرجلهم ممن أرجفوا بموته " . وجعل لا يمر بأحد يقول : مات رسول الله إلا خطبه بسيفه وتهدده وتوعده [2] ، وذهل الناس ، وساورتهم الأوهام والشكوك ، وعصفت بهم أمواج رهيبة من الحيرة فلا يدرون أيصدقون مزاعم عمر بحياة النبي صلى الله عليه وآله وهي من أعز ما يأملون ، ومن أروع ما يحملون ؟
[1] السنح : محل يبعد عن المدينة بميل ، وقيل هو أحد عواليها ، ويبعد عنها بأربعة أميال . [2] شرح النهج لابن أبي الحديد .