" إئتوني بالكتف والدواة اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا " [1] وهل هناك نعمة على المسلمين أعظم من هذه النعمة ؟ إنه ضمان من سيد الأنبياء - الذي لا ينطق عن الهوى - ان لا تضل أمته في مسيرتها ، وتواكب الحق وتهتدي إلى سواء السبيل . انه صيانة لتوازن الأمة ، واستقامتها ، وضمان لرخائها وأمنها ، وتطور لحياتها . انه التزام من سيد الكائنات بان لا تصاب أمته بنكسة أو أزمة في ميادينها السياسية والاقتصادية . حقا انها فرصة من أثمن الفرص وأندرها في تاريخ هذه الأمة ، ولكن القوم لم يستغلوها ، فقد علموا قصد الرسول ( ص ) وانه سينص على باب مدينة علمه وأبي سبطيه ، وتضيع بذلك أطماعهم ومصالحهم فرد عليه أحدهم : " حسبنا كتاب الله . . " ولو كان هذا القائل يحتمل أن النبي ( ص ) يوصي بحماية الثغور أو بالمحافظة على الشؤون الدينية لما رد عليه بهذه الجرأة ، ولكنه علم قصده من النص على خلافة أمير المؤمنين . وكثر الخلاف بين القوم فطائفة حاولت تنفيذ ما أمر به الرسول ، وطائفة أخرى أصرت على معارضتها خوفا على فوات مصالحها ، وانطلقت النسوة من وراء الستر فأنكرن عليهم هذا الموقف المتسم بالجرأة على النبي صلى الله عليه وآله وهو في ساعاته الأخيرة من حياته ، فقلن لهم : " ألا تسمعون ما يقول رسول الله ؟ ! ! " . فثار عمر وصاح فيهن خوفا على الامر ان يفلت منهم فقال لهن :
[1] الرواية أخرجه الطبراني في الأوسط ، والبخاري ، ومسلم وغيرهم