وأما تمييزك بين أهل الشام والبصرة وبينك وبين طلحة والزبير فعمري ما الامر هناك وهنا إلا واحد لأنهما بيعة عامة لا يتأتى فيها النظر ولا يستأنف فيها الخيار . وأما قرابتي من رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم وقدمي في الاسلام فلو استطعت دفعه دفعته . [ وأيضا ] كتب إليه معاوية أما بعد فإنك قتلت ناصرك واستنصرت واترك وأيم الله لأرمينك بشهاب [ لا ] تذكيه الريح ولا يطفيه الماء إذا وقع وقب وإذا مس نقب ولا تحسبني كسحيم أو عبد القيس أو حلوان الكاهن . فأجابه [ أمير المؤمنين ] رضوان الله عليه : أما بعد فوالله ما قبل ابن عمك غيرك وإني أرجو أن يلحقك الله به على مثل ذنبه وأعظم من خطيئته وإن السيف الذي ضربت به أباك وأخاك لمعي [1] وأيم الله ما استحدثت دينا ولا استبدلت نبيا وإني على المنهاج الذي تركتموه طائعين ودخلتم فيه كارهين . وكتب علي رضي الله عنه إلى جرير بن عبد الله وكان قد وجهه إلى معاوية في أخذ البيعة فأقام [ جرير ] عنده ثلاثة أشهر يماطله [ معاوية ] بالبيعة فكتب إليه [ أمير المؤمنين عليه السلام ] : سلام عليك [ أما بعد ] إذا أتاك كتابي [ هذا فاحمل معاوية على الفصل [ وخذه بالامر الجزم ] فخيره بين حرب معضلة أو سلم مخزية [2] فإن اختار الحرب فانبذ إليه على سواء إن الله لا يحب الخائنين [3] وإن اختار السلم فخذ بيعته وأقبل [ إلي والسلام ] .
[1] هذا هو الظاهر ، وفي أصلي : " إن السيف الذي قتل به أباك وأخاك لمعي . . . " . وفي العقد الفريد : " وان السيف الذي ضربت به أهلك لمعي دائم . . . " . [2] كلمتا : " أما بعد " مأخوذتان من المختار : ( 8 ) من الباب الثاني من نهج البلاغة و ( 47 ) من باب الكتب من نهج السعادة : ج 4 ص 97 ط 1 . وأيضا كلمة : " هذا " الموضوعة بين المعقوفين مأخوذة من العقد الفريد ، وفيه : " وخيره بين حرب مجلية أو سلم مخزية . . . " . وفي المختار الثامن من الباب الثاني من نهج البلاغة : " وخذه بالامر الجزم ثم خيره بين حرب مجلية أو سلم مخزية . . . " . وفي نهج السعادة : " ثم خيره بين حرب مجلية أو سلم محظية . . . " . [3] من قوله : " فانبذ إليه على سواء . . . الخائنين " مقتبس من الآية : ( 58 ) من سورة الأنفال : ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم . . . ) . وفي العقد الفريد : " وأقبل إلي " . وكلمة : " السلام " مأخوذ من نهج البلاغة .