أين من سعى واجتهد ؟ وجمع وعدد ؟ وبنى وشيد ؟ وزخرف ونجد ؟ وبالقليل لم يقنع ؟ لم يمتع ؟ . أين من قاد الجنود ؟ ونشر البنود [1] أصبحوا رفاتا تحت الثرى [2] وأنتم بكأسهم شاربون ولسبيلهم سالكون [3] . فاتقوا الله عباد الله وراقبوه واعملوا لليوم الذي تسير فيه الجبال وتنشق السماء بالغمام وتطاير الكتب على الايمان والشمال [4] أي رجل يومئذ تراك ؟ أقائل ( هاؤم اقرؤا كتابيه ) [ أم قائل : ] ( يا ليتني لم أوت كتابيه ) [5] . نسأل من وعدنا على إقامة الشرائع جنته أن يقينا سخطه . إن أحسن الحديث [ وأبلغ الموعظة ] كتاب الله [ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ] [6] . ومن خطبة له عليه السلام : الحمد لله الذي اختص الحمد لنفسه واستوجبه على جميع خلقه الذي ناصية كل شئ بيده ومصير كل شئ إليه القوي في سلطانه اللطيف في جبروته لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع خلق الخلائق بقدرته وسخر لهم الموجودات بمشيئته [7] . وفي العهد صادق الوعد شديد العقاب سريع الحساب جزيل الثواب . أحمده وأستعينه على ما أنعم به مما لا يعرف كنهه غيره وأتوكل عليه توكل المسلم لقدرته المتبرئ إليه من حوله وقوته [8] .
[1] هاد الجنود : ساقهم من أمام . والبنود : جمع البند : العلم الكبير . [2] الرفاء : المتكسر البالي . والثرى : التراب الندي . [3] كذا في كتاب العقد الفريد ، وفي أصلي : " وبسبيلهم سالكون . . . " . [4] كذا في أصلي ، وفي العقد الفريد : " عن الايمان والشمائل " وهو الظاهر . [5] وهذا الكلام مقتبس معنى من آيات كثيرة من القرآن الكريم ، وما وضعناه في الموردين بين النجمتين مقتبس من الآية " 19 " وما بعدها من سورة الحاقة . [6] ما بين المعقوفات مأخوذ من العقد الفريد ، والأخير منهما مقتبس من الآية : " 40 " من سورة فصلت . [7] كذا في أصلي ، وفي المختار : " 39 " من القسم الثاني من خطب نهج السعادة ج 3 ص 138 ط 1 : " خالق الخلائق بقدرته ، ومسخرهم بمشيئته . . . " . [8] كذا في أصلي ، وفي كتاب فرش الخشب من العقد الفريد : ج 4 ص 135 : " وأتوكل عليه توكل المتسلم لقدرته ، المتبرئ من الحول والقوة إليه " .