فيقال : هو منها بائن [1] بل هو بلا كيفية وهو أقرب [ من عباده ] من حبل الوريد ، وأبعد في الشبه من كل بعيد . لا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة ولا كرور لفظة ، ولا يغشى عليه القمر المنير [4] ولا انبساط الشمس ذات النور بضوئها في الكرور والمرور ولا إقبال ليل مقبل ولا إدبار نهار مدبر إلا وهو محيط بما يريد من مكنونه ، فهو العالم بكل مكان وكل حين وأوان وكل نهاية ومدة . والابتداء على الخلق مضروب ، والحد إلى غيره منسوب [5] . لم يخلق الأشياء من أصول أولية ولا بأوائل كانت قبله [ أبدية ] بل خلق ما خلق فأقام خلقه ، وصور ما صور فأحسن صورته ( 6 ) . توحد في علوه فليس لشئ منه امتناع ، ولا له بشئ من طاعة خلقه انتفاع ، إجابته للداعين سريعة والملائكة في السماوات والأرض له مطيعة ، علمه بالأموات البائدين كعلمه بالاحياء المتقلبين ، علمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الأرضين
[1] هذا هو الصواب ، المذكور في مسند أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب جمع الجوامع - للسيوطي - : ج 2 ص 203 ط 1 ، غير أن ما بين المعقوفات زيادة توضيحية منا . وفي أصلي : " من لم يكن في الأشياء فيقال : [ هو فيها ] كائن ، ولم يبن منها فيقال : كائن ؟ . . . " . وفي المختار : " 156 " من نهج السعادة : " ليس بشبح فيرى ولا بجسم فيتجزى ولا بذي غاية فيتناها . . . " . وفي المختار : ( 163 ) من نهج البلاغة : ( لا شبح فيتقصى ولا محجوب فيحوى ، لم يقرب من الأشياء بالتصاق ، ولم يبعد عنها بافتراق ) . ( 2 ) شخوص لحظة : امتداد نظر العين بلا حركة جفن . وكرور لفظة : تكررها وإعادتها مرة بعد أخرى . وازدلاف ربوة : ارتفاعها وبروزها . والربوة : التل . ( 3 ) كذا في أصلي ، والغسق - على زنة الشفق - : الظلمة . والداج : المظلم . [4] كذا في أصلي ، وفي المختار : " 163 " من نهج البلاغة : ( ولا يخفى عليه من عباده شخوص لحظة ولا كرور لفظة ، ولا ازدلاف ربوة ، ولا انبساط خطوة في ليل داج ، ولا غسق ساج ، يتفيأ عليه القمر المنير ، وتعقبه الشمس ذات النور ، في الأفول والكرور وتقلب الأزمنة والدهور . . . ) . [5] وفي نهج البلاغة : " لم يخلق الأشياء من أصول أزلية ، ولا من أوائل أبدية ، بل خلق ما خلق فأقام حده ، وصور ما صور فأحسن صورته " .