يخذلنا إلا منافق ، من نصرنا نصره الله ، ومن خذلنا خذله الله في الدنيا والآخرة ، وقد عرفت أن أقواما بايعوني وفي قلوبهم الغدر ! ! ! ألا وإني لست أقاتل إلا مارقا يمرق من دينه [ أ ] وناكثا ببيعته يريد الملك لنفسه ، يبيع دينه بفرض من الدنيا قليل ، وإنما يقاتل معنا من أراد الآخرة وسعى لها سعيها . ألا إن ولينا وناصرنا ينتظر في كل صباح ومساء النعمة من الله ، إن عدونا وبغيضنا ينتظر السطوة من الله كل صباح ومساء ، فليبشر ولينا بالأرباح الوافرة [1] ، والجنة العلية ، ولينتظر عدونا النقمة في الدنيا والآخرة . [ قال الراوي : ] فدخل يومئذ في طاعته بخطبته [ هذه ] اثنا عشر ألفا ، مستبصرين في قتال من خالفه ، ودخل عليه الأشعث بن قيس فخوفه بالموت ! ! ! فقال له - رضي الله عنه - : يا ماص أتخوفني بالموت ؟ والله ما أبالي وقعت على الموت أو وقع الموت علي . [ ثم قال : يا جارية هاتي الجامع - يريد سيفه وما ضامه [2] - وغمزها أي لا تأتي به ؟ ! فولى الأشعث وسمعت له قعقعة على الدرجة وهو ينزل ! ! !
[1] هذا هو الظاهر ، وفي أصلي : " فلينشر ولينا . . . " . [2] كذا في أصلي ، فإن صح فلعل معنى " ما ضامه " " : ما ظلمه ؟ أي ما أراد عليه السلام من تقييد الأشعث وجعله مغلولا ظلما له لان الأشعث كان مستحقا لان يقيد بالجامعة والغل . ثم الظاهر أن جملتي : " هاتي الجامع . يريد سيفه " مصحفتان عن قول : " هاتي الجامعة يريد قيده " لان الجامعة هو الغل والقيد ، فتفسيرها بالسيف غير صواب . وروى الوزير الآبي رحمه الله في كلم أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب نثر الدر : ج 1 ، ص 225 ، طبعة مثر ، قال : قال بعض قريض : أتيت الكوفة فتبوأت بها منزلا ثم خرجت أريد عليا عليه السلام ، فلقيني في الطريق وهو بين الأشعث بن قيس ، وجرير بن عبد الله ، فلما رآني خرج من بينهما فسلم علي ، فلما سكت قلت : يا أمير المؤمنين من هذان ؟ وما رأيهما ؟ فقال : أما هذا الأعور - يعني الأشعث - فإن اله لم يرفع شرفا إلا حسده ، ولم يسن دينا إلا بغاه ، وهو يمني نفسه ويخدعها ، فهو بينهما لا يثق بواحدة منهما ، ومن الله عليه أن جعله جبانا ولو كان شجاعا لقد قتله الحق بعد ! ! ! قال : فقلت له : يا أمير المؤمنين لقد نزلت بشر منزل ، ما أنت إلا بين الكلب والذئب ! ! ! قال : هو عملكم يا معشر قريش ، والله ما خرجت منكم إلا أني خفت أن تلجوا بي فألج بكم ! ! وأما هذا الأكشف - يعني جريرا - عبد الجاهلية ؟ فهو يرى أن كل أحد يحقره ، فهو ممتلئ بأوا ! ! ! وهو في ذلك يطلب جحرا يؤويه ومنصبا يغنيه ، وهذا الأعور يغويه ويطغيه ، إن حدثه كذبه ، وإن قام دونه نكص عنه ، فهما كالشيطان ؟ ( إذ قال للانسان أكفر ، فلما كفر قال : إني برئ منك ، إني أخاف الله رب العالمين ) . 16 / الحشر .