أحمده على ما يأخذ ويعطي وعلى ما يبلي ويولي [1] وعلى ما يميت ويحيي حمدا يكون أرضى الحمد له ، وأحب الحمد إليه وأفضل الحمد عنده ، حمدا يفضل حمد من مضى ويغرق حمد من بقي [2] . سبحانك اللهم ما أعظم ما يرى من خلقك ، وما أصغر عظيمه في قدرتك [3] ، وما أعظم ما نرى من ملكوت ، وما أحقر ذلك فيما غاب عنا من ملك ، وما أسبغ نعمك في الدنيا ، وما أحقرها / 55 / ب / في جنب ما ينعم به في الآخرة ، وما عسى أن يرى من قدرتك وسلطانك في قدر ما غاب عنا من ذلك ، وقصرت أبصارنا عنه ووقفت عقولنا دونه . فمن أعمل طرفه وقرع سمعه وأعمل فكره كيف خلقت خلقك وكيف أقمت عرشك ، وكيف علقت سماواتك في الهوى وكيف مددت أرضك رجع طرفه حسيرا وعقله والها وسمعه مبهورا وفكره متحيرا ، وكيف يطلب علم ما قبل ذلك من شأنك إذا أنت في الغيوب ولم يكن فيها غيرك ولم يكن لها سواك [4] . لم يشهدك أحد حيث فطرت الخلق وذرأت النفس [5] [ و ] كيف لا يعظم شأنك عند من عرفك وهو يرى من عظيم خلقك ما يملؤ قلبه ويذهل عقله ، من رعد يقرع القلوب وبرق يخطف العيون ؟ ! سبحانك خالقا معبودا وسبحانك بحسن بلائك عند خلقك محمودا ، وسبحانك جعلت دارا وجعلت [ فيها ] مائدة مطعما وشرابا [6] وأزواجا وخدما ، وقصورا
[1] على ما يبلي : أي على ما يختبرهم بصنعه الجميل . وعلى ما يوالي : أي على ما يسديه ويصنعه بنا بلطفه الخفي . [2] أي يستوعب حمد من بقي كاستيعاب الماء ما يغرقه . وفي أصلي : ( ويعرف حمد من بقي ) . [3] وفي المختار المتقدم الذكر من نهج البلاغة : سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك ، وما أصغر عظمه في جنب قدرتك ، وما أو هل ما نرى من ملكوتك ، وما أحقر ذلك فيما غاب عنا من سلطانك ، وا أسبغ نعمك في الدنيا ، وما أصغرها في نعم الآخرة . . . [4] الطرف - كفلس - : البصر . وحيرا : كليلا . والها : متحيرا . ومبهورا : منقطعا معييا لا يسمع شيئا . وفي خطبته عليه السلام الغراء : وكيف يطلب علم ما قبل ذلك من سلطانك إذ أنت وحدك في الغيوب . . . [5] ذرأت : برأت وأنشأت . وهاهنا في أصلي تصحيف . [6] وقريب منه جدا يأتي في أواخر الخطبة الموسومة ب " الزهراء " في آخر هذا الباب في الورق 62 / أ / أو ص 300 . وفي المختار : " 107 " من نهج البلاغة : سبحانك خالقا ومعبودا بحسن بلائك عند خلقك ، خلقت دارا وجعلت فيها مأدبة مشربا ومطعما وأزواجا وخدما وقصورا وأنهارا ، وزروعا وثمارا . . .