وأيم الله ليقرعن من ندم سنا هيهات وأنى لهم التناوش من مكان بعيد [1] وقد علقت الرهون عند [ ما ] برئ الله منهم [2] يوم لا ينطقون ولا يوذن لهم فيعتذرون [3] وخطب عليه السلام ليلة الهرير واقفا على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : إني قد رأيت جولتكم وانحيازكم عن صفوفكم يحوزكم الجفاة الطغام وأعراب أهل الشام وأنتم لهاميم العرب والسنام الأعظم وعمار الليل بتلاوة القرآن [4] وأهل دعوة الحق إذ ضل عنها الخاطئون فلولا إقبالكم بعد إدباركم وكرتكم بعد انحيازكم لوجب عليكم ما أوجب [ الله ] على المولي [ دبره ] يوم الزحف وكنتم من الهالكين [5] . ولقد شفى وحاوح صدري إذ رأيتكم بأخرة تحوزونهم كما حازوكم وقد أزلتموهم كما أزالكم تحسونهم بالسيوف يركب أولاهم أخراهم كالإبل المطرودة الهيم [6] فالآن فاصبروا ينزل عليكم السكينة ويثبتكم ربكم باليقين [7] وليعلمن الفار منكم أن الفرار لا يزيد في عمره ولا يرضى ربه عنه بل في الفرار سلب العز وذل المحيا والممات وموجدة الرب . وقال صعصعة بن صوحان : خطبنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بذي قار معتما / 54 / أ / بعمامة سوداء متلففا بكساء - أو قال : بساج [8] - فقال - بعد أن حمد الله وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم - : أيها الناس ليبلغ الشاهد منكم الغائب [ ثم قال ] :
[1] اقتباس من الآية : " 52 " من سورة السبأ : 34 . [2] كذا في أصلي ، وجملتا : " وقد علقت الرهون عندما برئ الله منهم " لم أجدهما في غير هذا الكتاب . [3] اقتباس من الآية : " 36 " من سورة : والمرسلات : 77 . [4] هذا هو الظاهر الموافق للمختار : " 209 " من نهج السعادة ج 2 ، ص 205 ط 1 ، وفي أصلي تصحيف . [5] اقتباس أو إشارة إلى الآية : " 16 " من سورة الأنفال : ( ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا فقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ) . [6] وبعد في المختار : " 105 " من نهج البلاغة : ترمى عن حياضها ، وتذاد عن مواردها . . . قال ابن الأثير : الوحاوح : جمع الوحوح : انقباض النفس وتقلصها من الغيظ . وتحسونهم : تهيجونهم . والإبل الهيم : الإبل التي لا تروى من الماء لإصابتها بداء الهيام . والمفرد : الأهيم . والمؤنث : الهيماء . [7] لفظه : ( ويثبتكم ) رسم خطها غير واضح في أصلي ، وفي كتاب صفين : " وثبتكم الله باليقين " . [8] وهذه الخطبة رواها أبو مخنف عن زيد بن صوحان ، قال : شاهد عليا ب " ذي قار " وهو معتم بعمامة سوداء ، ملتف بساج . . . والخطبة أوردناها في المختار : ( 92 ) من نهج السعادة : ج 1 ، ص 296 ط 2 . الساج الطيلسان الواسع المدور . وقيل : هو الطيلسان الأخضر . وقيل : الأسود . أو الضخم الغليظ . أو المقور ينسج كذلك . ويطلق على الكساء المربع مجازا .