[ إني ] أقول كما قال الله / 53 / أ / : ( رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي ) [ 25 / المائدة : 5 ] فمرنا بأمرك فوالله [ لنطيعنك ] ولو حال بيننا وبينه جمر الغضى [ وشوك القتاد ] [1] . فأثنى [ علي عليه السلام ] خيرا وقال [ لهما ] : وأين تقعان مما أريد . ثم نهض [ عليه السلام ] . ولما بويع عليه السلام قام في أزار طاق وعمامة متوكئا قوسا ونعلاه في يده حتى جلس على المنبر ثم قال [ بعد ] الحمد لله والثاء عليه : حق وباطل ولكل أهل ، فلئن أمر الباطل فقديما فعل ، ولئن قل الحق فلربما ولعل [2] ولقلما أدبر شئ فأقبل ، ولعسى أن يرد عليكم أمركم وإنكم إذا لسعداء وإني لأخشى أن تكونوا في فترة ، وما علينا إلا الاجتهاد [ و ] قد كانت منكم أمور كنتم بها غير محمودي الرأي أما إني لو شئت [ ل ] قلت : ولكن عفا الله عما سلف . سبق الرجلان وقام الثالث كالغراب همته بطنه [ يا ويحه ] لو قطع رأسه وقص جناحاه لكان خيرا له [3] شغل عن الجنة والنار أمامه ! ! ! ثلاثة واثنان [ خمسة ] ليس لهما سادس : ملك طائر بجناحيه ونبي أخذ الله بيده وسابق مجتهد وساع مقتصد ومقصر في النار . اليمين والشمال مضلة والطريق [ الوسطى هو ] المنهج ، عليه باقي الكتاب والسنة وأثر النبوة خاب من ادعى وهلك من افترى [5] .
[1] ما بين المعقوفين مأخوذ من رواية أبي الفرج في كتاب الأغاني : ج 15 ، ص 266 . والجمر - على زنة خمر - : النار المتقدة التي إذا بردت تصير فحما . شجر صلب الخشب . والقتاد - بفتح القاف - : شجر صلب العود له أشواك كالإبرة . [2] أمر - زنة علم - : كثر . وقوله عليه السلام : " فلربما ولعل " معناه : فلربما يصير القليل كثيرا ولربما يغلب القليل الكثير . وهذه الخطبة من مشاهير كلمه عليه السلام ولها مصادر وأسانيد كثيرة ، يجد الطالب صورا منها في المختار ( 55 ) من كتاب نهج السعادة : ج 1 ، ص 189 ، ط 2 . [3] ولهذه القطعة من كلامه عليه السلام مصادر شواهد ، وأيضا يأتي قريب منها في أواخر هذا الباب في الورق 58 / أ / من أصلي . ( 4 ) ما بين المعقوفين زيادة يقتضيها المقام ، وفي أصلي : ( والطريق المنهج عليه ، باق في الكتاب والسنة وأثر النبوة . . . ) . وفي رواية الجاحظ : " اليمين والشمال مضلة [ و ] الوسطى [ هي ] الجادة ، منهج عليه باقي الكتاب والسنة وآثار النبوة . . . " . [5] وفي رواية الجاحظ عن معمر بن المثنى : ( هلك من ادعى وردي من اقتحم ) .